مشاريع كبرى على سكة التنفيذ
سلامة الدرعاوي
في الآونة الأخيرة، شهد الأردن تقدمًا ملحوظًا في تنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى التي كانت محل انتظار لسنوات عديدة، إذ إن هذه المشاريع تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية في المملكة، بما يساهم في تعزيز الأمن الاقتصادي وتوفير فرص جديدة للنمو.
ومن أبرز هذه المشاريع مشروع الناقل الوطني للمياه، ومشروع السكة الحديد، ومشروع الباص السريع، بالإضافة إلى إدخال خدمات الجيل الخامس، وتسريع وتيرة العمل في “أبراج السادس” إذ إن جميع هذه المشاريع تمثل خطوات أساسية نحو مستقبل أكثر استدامة للأردن في مختلف المجالات.
مشروع الناقل الوطني للمياه يعد واحدًا من أهم المشاريع التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، حيث تم اختيار المقاول المفضل لتنفيذ المشروع، الذي يهدف إلى تحلية مياه البحر الأحمر في خليج العقبة ونقل 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة إلى جميع أنحاء المملكة، حيث يأتي هذا المشروع بتكلفة تبلغ حوالي 2.86 مليار دولار، ويعتمد على الطاقة المتجددة لتشغيله، مما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي تسعى إلى تحقيق 31 % من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، إذ إن هذا المشروع يحظى بأهمية بالغة لمواجهة العجز المائي الذي تشهده المملكة، حيث يوفر مصادر مياه مستدامة لتغطية احتياجات الشرب على مدى العقدين القادمين. وفي قطاع النقل، تم توقيع اتفاقية بين الأردن ودولة الإمارات لإنشاء مشروع سكة حديد بقيمة 2.3 مليار دولار، يهدف إلى ربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي، خاصة أن هذا المشروع يُعد جزءًا من حزمة مشاريع استثمارية بقيمة 5.5 مليار دولار تم توقيعها مع الإمارات، ويهدف إلى تحسين كفاءة النقل البري وتسهيل نقل الموارد الطبيعية مثل الفوسفات والبوتاس إلى ميناء العقبة لتصديرها، فالمشروع يعزز مكانة ميناء العقبة محليًا ودوليًا، ويُسهم في تقوية قطاع النقل الأردني من خلال تحسين البنية التحتية ورفع كفاءة الخدمات اللوجستية.
إلى جانب المشاريع المتعلقة بالمياه والنقل، شهدت الأردن أيضًا تطورًا في مجال النقل العام من خلال مشروع الباص سريع التردد (BRT)، الذي يخدم مسار عمان – الزرقاء، ومنذ بدء تشغيله، بلغ عدد مستخدمي الحافلات حوالي مليون راكب، ما يعكس أهمية المشروع في تحسين حركة المواطنين وتوفير وسائل نقل عامة أكثر كفاءة، حيث يعد هذا المشروع خطوة مهمة نحو تحسين شبكة النقل العام وتقليل الازدحام في المدن الرئيسة.
وفي قطاع الاتصالات، تم تمكين شركات الاتصالات المحلية من تأسيس البنية التحتية وتقديم خدمات الجيل الخامس (5G)، وهي تقنية تعد بمزيد من التحسينات في مجال الاتصالات والبيانات، إذ إدخال خدمات الجيل الخامس يمثل إشارة قوية على قدرة الأردن على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، حيث يُسهم في تعزيز فرص الاستثمار وتحسين الخدمات في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم والصناعة.
إلى جانب هذه المشاريع، تم إنهاء تعثر مشروع “أبراج السادس” الذي يشهد حاليًا تقدمًا ملحوظًا في تهيئته لتلبية المتطلبات وتشغيله بالشكل الاستثماري الأمثل. كما تتواصل الجهود لتسريع تنفيذ مشاريع إستراتيجية أخرى تم الاتفاق عليها ثنائيًا بين الأردن والعراق ومصر، مثل مشروع الربط الكهربائي والمدينة الصناعية على الحدود بين الأردن والعراق، فهذه المشاريع تسهم في تعزيز التعاون الإقليمي وتوفير مزيد من الفرص الاقتصادية للدول الثلاث.
في ظل هذه المشاريع الكبرى، لا يمكن إنكار بصمة حكومة الدكتور بشر الخصاونة التي ساهمت في تحريك عجلة هذه المشاريع المتوقفة منذ سنوات، تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك، حيث بدأت هذه المشاريع ترى النور، مما يعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز الأمن المائي والنقل والبنية التحتية، لتلبية احتياجات المملكة المستقبلية.
هذه المشاريع الكبرى تتجه إلى تحقيق فوائد طويلة الأمد للاقتصاد الأردني، حيث تهدف إلى تحسين كفاءة القطاعات الحيوية مثل المياه والطاقة والنقل، وتعزيز تنافسية الأردن على مستوى المنطقة.
ومن المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات، ما يجعلها رافدًا مهمًا لدفع عجلة النمو الاقتصادي في السنوات القادمة.
(الغد)