سؤال إلى السفير البريطاني في عمان

ماهر أبو طير

تراجعت بريطانيا عن التأشيرة الإلكترونية الممنوحة للأردنيين، التي كان يتم منحها للأفراد والعائلات، مع بقية دول الخليج العربي، مقابل رسوم منخفضة، وسرعة الحصول عليها، وهي ميزة تم منحها للأردنيين، أدت إلى حصول عشرات الآلاف عليها، إن لم يكن أكثر.

يغرّد فيليب هول السفير البريطاني في عمان ويقول إن بلاده اضطرت لاتخاذ هذه الخطوة بسبب.. “إساءة استخدام هذا النظام من قبل أقلية من المسافرين الأردنيين، فيما استفادت الغالبية من المسافرين من نظام السفر إلى المملكة المتحدة دون أي مشكلة، ومن المؤسف أننا اضطررنا إلى اتخاذ هذه الخطوة بسبب أقلية صغيرة أساءت استخدام نظام الهجرة لدينا”.

قد لا يعرف كثيرون أن هناك وضعا غريبا لدى بعض الذين حصلوا على التأشيرة، إذ إن بعضهم يذهب للعمل في بريطانيا، أو يحاول المرور منها إلى دول أوروبية ثانية، وهناك قصص يومية عن أوضاع صعبة لأردنيين، لا يجدون مكانا للنوم، ويعانون أشد المعاناة كونهم لم يذهبوا للسياحة أصلا، وبعضهم يتواجد في الحدائق وفي خيم مؤقتة، فيما تتلقى السفارة الأردنية في لندن اتصالات شبه يومية، من أردنيين تقطعت بهم السبل وبحاجة للمال، أو تذكرة للعودة، وسط معاناة شديدة من القلة التي جاءت بحثا عن العمل، بسبب استحالة ذلك، فالغلاء كبير، وتغطية كلف البقاء مستحيلة، والأقارب والأصدقاء الذين يعيشون في بريطانيا أصلا يجهدون في حياتهم، ولا يمكن لهم استقبال أحد لفترات، أو الإنفاق عليه أصلا.

هذه أوضاع تم التحذير منها مسبقا، ولم يستمع أحد لرغبة البعض بالخروج بحثا عن عمل، هذا فوق أن النظام الاقتصادي في بريطانيا، يمنع التسلل والعمل بسبب الغرامات، وأيضا انخفاض الأجور التي قد تعطى لشخص مخالف للقانون، بما يجعل إقامته واستمراره مستحيلة إلى حد كبير، خصوصا، أن المال المتوفر بين يدي الباحث عن عمل لا يكفيه شهرا وهو يبحث عن فرصة، فيتعرض إلى إشكالات متعددة، تجعله عالقا وسط مأساة إنسانية ليست سهلة.

لكن السؤال الموجّه هنا إلى السفير يقول: لماذا يتم إلغاء التأشيرات الممنوحة، والتي أصبحت حقا لمن حصل عليها وأغلبهم لا ينوي المخالفة أصلا، وهل يعقل أن يتم تحديد آخر موعد للسفر بمطلع شهر تشرين الأول، وقد يكون هناك تخطيط للسفر في تواقيت ثانية؟

الذين حصلوا على التأشيرات لا ذنب لهم في إلغاء تأشيراتهم، وقد كان الأَولى اللجوء إلى أمرين، التشدد في المطارات بحق الحالات المشكوك فيها، والتي لا تُثبت أنها سافرت للسياحة، سواء قبل الخروج من الأردن، أو عند الوصول، وثانيهما وقف النظام أو تعديله مثلا، دون إلغاء التأشيرات للذين حصلوا عليها، ونسبة كبيرة منهم تعرف بريطانيا، واعتادت أن تزورها.

ويرتبط بالسؤال السابق، نقطة قد لا يتنبه لها كثيرون، إذ على الرغم من أن رسوم التأشيرة الواحدة لا تتجاوز عشرة جنيهات إسترلينية، وهو مبلغ منخفض جدا، إلا أن مجموع المبالغ التي تم جمعها من الذين حصلوا على التأشيرات ولن يستعملوها مبالغ كبيرة جدا، وهذا يوجب إعادة المبالغ للأردنيين من خلال البطاقات الائتمانية التي دفعوا من خلالها، خصوصا، أن نظام الحياة في بريطانيا يتشدد في الشفافية في القضايا المالية، وهذا يعني أن الإعلان عن عدد الذين حصلوا على التأشيرات ولم يستعملوها وقيمة المبالغ التي تم دفعها، أمر ضروري، برغم أن البعض سيقول لك إن هذا قرار سيادي لبريطانيا، وكثير من دول العالم تعطيك التأشيرة وتدفع رسومها، وقد تعيدك من المطار وتمنع دخولك لأي سبب، وهذا توظيف غير دقيق هنا، لأن القصة مختلفة، وبذريعة قلة قليلة يتم شطب أعداد كبيرة من التأشيرات في ليلة واحدة.

أما وقوع مخالفات فهذا يحدث في كل دول العالم، فلا تتوقف الدول عن منح التأشيرات، وتعدل التعليمات، لكنها لا تلغي المبدأ، فيما ميزة سهولة التأشيرة الإلكترونية كان يمكن إدامتها من خلال التعديل عليها، أو كما أشرت سابقا، عدم شمول بقية الحاصلين عليها بالإلغاء.

منذ أن أعلنت بريطانيا عن وقف أردنيين في مطاراتها، والبدء بإعادتهم إلى الأردن، كان واضحا أن الأمور تتجه إلى مسار مختلف، في كل ملف التأشيرة الإلكترونية.

(الغد)






الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق