“الاستراتيجيات”: الذكاء الاصطناعي يتطلب تنظيمًا وتشريعات وقوانين واضحة

هلا أخبار – أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني تقريراً ضمن سلسلة تقارير “المعرفة قوة”، بعنوان: “نحو حوكمة فعالة للذكاء الاصطناعي: قراءة في الأرقام والنماذج الدولية”.

ويستعرض التقرير أبرز الأساليب العالمية لتنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي، بهدف دعم صانعي القرار في تطوير أطر حوكمة فعّالة توازن بين الابتكار وحماية الحقوق.

ويتناول التقرير المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، وحقائق وأرقامًا حول تطوره، والتحديات المرتبطة به، كما يستعرض نماذج تنظيمية دولية وتوصيات يمكن الاستفادة منها في صياغة سياسات وطنية وإقليمية فعّالة.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، فإن تطبيقاته ترتبط بجملة من المخاطر والاعتبارات الأخلاقية، لا سيما فيما يتعلق بالخصوصية، نتيجة لاستخدام البيانات الشخصية من قبل هذه الأنظمة.

وبين أن التأثير الاقتصادي التراكمي عالميًا لإنفاق الأعمال على استخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات والخدمات والمنتجات يُقدّر بنحو 19.9 تريليون دولار حتى عام 2030.

كما تُظهر التقديرات أن كل دولار أُنفِق في عام 2023 على تطوير حلول قائمة على الذكاء الاصطناعي، ساهم في توليد 4.6 دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك وفقًا لتقرير بحثي صادر عن مؤسسة البيانات الدولية.

وأشار التقرير إلى وجود احتمال مستقبلي بأن “تصبح التحسينات الذاتية لأنظمة الذكاء الاصطناعي جوهرية على التصميم، ما قد يؤدي إلى إنشاء نموذج جديد ينحرف تمامًا عن أهداف ونوايا النموذج الأصلي المصمَّم من قبل الإنسان”.

وفي هذا السياق، شدد التقرير على ضرورة ضبط عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والسيطرة عليها، بحيث تبقى ضمن أهداف وُضعت من أجلها، تفاديًا للتجاوزات المحتملة، ما يتطلب تنظيمًا دقيقًا لعمليات تطوير تمر بها هذه الأنظمة، ووضع تشريعات وقوانين واضحة تحكمها.

وبيّن التقرير عددًا من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يُتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 14 بالمئة بحلول عام 2030، وهو ما يعادل 15.7 تريليون دولار إضافية.

ومن المتوقع أيضًا، أن تكون الصين الرابح الأكبر اقتصاديًّا من استخدامات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، إذ يتوقع أن يزيد نمو الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 26.1 بالمئة؛ أي ما يعادل 7 تريليون دولار، بينما ستكون نسبة الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي لأميركا الشمالية 14.5 بالمئة، أي ما يعادل 3.7 تريليون دولار.

وأوضح التقرير وجود تزايد مستمر في الاستثمار العالمي في الذكاء الاصطناعي وصل إلى حوالي 92 مليار دولار عام 2023، حيث يتوقع أن يرتفع إلى 132 مليار دولار في عام 2024، بعد أن كان 44 مليار دولار في عام 2018.

وأشار إلى أن حجم السوق العالمي للذكاء الاصطناعي يقدر بنحو 638.2 مليار دولار حتى عام 2024، إذ يتوقع أن يصل إلى 3.68 تريليون دولار بحلول عام 2034.

وعلى مستوى تقنيات الذكاء الاصطناعي، أشار التقرير إلى أن تقنية “التعلم العميق” استحوذت على الحصة الأكبر من سوق الذكاء الاصطناعي العالمي في عام 2023، بنسبة 36.6 بالمئة، وبقيمة بلغت نحو 196.8 مليار دولار.

كما استعرض التقرير توقعات مستقبلية مرتبطة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، من أبرزها، أن تسير سيارة واحدة من كل 10 سيارات بشكل ذاتي على الطرقات بحلول عام 2030. ولفت إلى أنه يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في إيجاد نحو 97 مليون وظيفة جديدة، ما من شأنه التخفيف من حدة المخاوف المتعلقة بإحلال الوظائف.

وأشار تقرير المنتدى إلى أن قطاع التصنيع سيكون أكبر المستفيدين ماليًا من اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع توقعات بتحقيق مكاسب تصل إلى نحو 3.8 تريليون دولار بحلول عام 2035.

كما لفت التقرير إلى الارتفاع الكبير في عدد المنشورات العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي باللغة الإنجليزية، حيث ارتفع العدد من 78.8 ألف منشور في عام 2010 إلى 242.3 ألف منشور في عام 2022، كما ارتفع عدد براءات الاختراع في هذا المجال من ألفي براءة اختراع الى 62.3 ألف خلال الفترة ذاتها.

وأشار إلى تحديات مرتبطة باستخدام هذه التقنيات، من أبرزها: تزايد خطر التطفّل على الخصوصية في مجالات متعددة، مثل التشخيص الطبي، والمراقبة، وتطبيقات القطاع العام.

وفي سياق حوكمة الذكاء الاصطناعي، أظهر تقرير المنتدى بالتفصيل عددًا من التحديات بهذا الخصوص، أهمها، مواكبة التقدم التكنولوجي، والخبرة الفنية المحدودة والفجوات المعرفية، وتنوع القطاعات وخصوصية احتياجاتها التنظيمية، والتنسيق القضائي عبر الدول، وتعقيد سلاسل توريد الذكاء الاصطناعي، والموازنة بين الابتكار والحد المخاطر.

وأشار التقرير الى أن هيئة الأمم المتحدة اعتمدت مشروع قرار بشأن الذكاء الاصطناعي في 21 آذار 2024 بعنوان: “اغتنام فرص أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والجديرة بالثقة من أجل التنمية المستدامة”، الذي أقرته 120 دولة حول العالم. والذي يهدف إلى تشجيع البلدان على حماية حقوق الإنسان، والبيانات الشخصية، ومراقبة الذكاء الاصطناعي، دون إلزامهم بذلك قانونيًّا.

وقدّم التقرير عددًا من النماذج للتشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عدد من دول العالم والمنطقة، من بينها: الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، واليابان، والولايات المتحدة، والصين، والسعودية، والإمارات، بالإضافة إلى الأردن.

وبين أن الهدف الرابع من الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي، والذي ينص على “ضمان البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة للتوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي”، يؤكد أهمية تشجيع المؤسسات والشركات المطوّرة والمشغّلة لأنظمة الذكاء الاصطناعي على اعتماد “الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي”، والالتزام بمبادئه وإرشاداته التي تعزز سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والقيم الديمقراطية، والتنوّع، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية لاستخدام هذه التقنيات.

وأكد المنتدى ضرورة أن تراعي التشريعات العالمية الخاصة بالذكاء الاصطناعي احتياجات الدول ذات الإمكانات المحدودة، لافتا إلى التباين الواضح في مستويات حوكمة الذكاء الاصطناعي بين الدول المتقدمة والدول النامية، ما يستدعي جهودًا مشتركة لسد هذه الفجوة.

ودعا الدول العربية إلى إطلاق إطار تنظيمي عربي مشترك، يوفر الإرشادات والضمانات اللازمة لتعزيز التقدم التكنولوجي في تطوير واستخدامات الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن يستند هذا الإطار إلى نهج ‘الحوكمة التكيفية Adaptive Governance’، بما يتيح مواءمة الأطر التنظيمية مع القدرات المؤسسية والتقنية للدول العربية، وتطوير مبادئ مرنة تراعي خصوصية السياقات الوطنية.

واقترح المنتدى أن تبدأ تلك الجهود بإنشاء “منصة عربية موحدة” لمراقبة استخدامات الذكاء الاصطناعي، كخطوة أولى نحو تعزيز التعاون الإقليمي في هذا المجال.

كما أوصى بضرورة تضمين مؤشرات أداء مثل “معدل الامتثال”، و”عدد الانتهاكات المسجلة” لتعزيز فعالية الأطر التنظيمية، وقياس مدى فاعليتها، إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة تحد من التجاوزات والانتهاكات المتعلقة بالخصوصية والاستخدام غير المشروع لأدوات الذكاء الاصطناعي.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق