تبقى عينهم على القدس

نيفين عبد الهادي

بالتوازي مع حربهم الكارثية على قطاع غزة، تصر إسرائيل على أن تبقى عينها على القدس الشريف، باقتحامات واعتداءات وانتهاكات لا تتوقف على القدس، والمسجد الأقصى، دون الأخذ بأي رادع قانوني، أو احترام لقدسية المكان والطقوس الدينية للمصلين، ولا لحُرمة المكان وقدسيته، متناسية بشكل مطلق حقيقة أن القدس الشرقية مدينة محتلة لا سيادة للإسرائيليين عليها.

في كل يوم تزداد خطورة الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، بخروقات فاضحة للقوانين، ففي انتهاك يرقى حدّ الجريمة، اقتحم أمس الوزير المتطرف بن غفير ووزراء وأعضاء من حكومة الاحتلال الإسرائيلية والكنيست والمستوطنين المتطرفين، وبتسهيل من  شرطة الاحتلال المسجد الأقصى المبارك، في إطار الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، في استمرار لخرق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومحاولة لفرض وقائع جديدة في المسجد، وتقسيمه زمانيا ومكانيا، لتراكم إسرائيل مزيدا من الانتهاكات والخروقات القانونية والإنسانية وحتى الدينية تجاه الأقصى الشريف، بعبثية وعشوائية وإصرار على تأجيج الأوضاع بصورة خطيرة كونها لم تتوقف عن حربها على غزة ولا تصعيدها الخطير على الضفة الغربية المحتلة.

إصرار إسرائيلي على إبقاء الأوضاع في القدس والضفة الغربية وغزة على صفيح ساخن، بتجاوزات وانتهاكات لا تتوقف، وبحرب خطيرة يبقى لهيبها مشتعلا بكل بقعة في فلسطين، وبأحداث تصنعها بين الحين والآخر، لتزيد من لهيب نيران الحرب التي تشتعل في كل بقاع الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلم يعد هناك جديد إسرائيلي، إنما هناك استمرار لحربها وانتهاكاتها، وكوارثها، وإبادتها، وتمرير خططها الاستعمارية، بخروقات خطيرة للقوانين الدولية.

كما يصر الاحتلال الإسرائيلي، على اصطناع تناسيه أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، ولا يحق لإسرائيل بأي شكل من الأشكال تجاهل هذه الحقيقة، كتجاهلها أنها «محتل»، فأوقاف القدس هي الجهة الوحيدة المعنية بالمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وأنه مكان عبادة خالص للمسلمين، بمساحته البالغة 144 دونما، تناس متعمّد مكشوف النوايا والأهداف وفي الاستمرار به فإن الاحتلال الإسرائيلي يصرّ على المضي في درب لن تحمد عقباه، نحو مزيد من تأجيج الأوضاع في المنطقة بأسرها.

الأردن، وفي موقف فوري دان بأشد العبارات اقتحامَ وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، ومن معه للمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وما رافقه من ممارسات استفزازية مرفوضة، في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، مذكّرا إسرائيل بحقيقة أن القدس الشرقية مدينة محتلة لا سيادة لإسرائيل عليها، وفي ذلك شجاعة الموقف وردة الفعل، ووضع حقائق واقع المسجد الأقصى تحت مجهر الحقيقة لتكون إسرائيل على دراية كاملة بأنها لن تتمكن من تمرير ما تسعى له في القدس بتحذيرات أردنية واضحة من مغبة وعواقب استمرار هذه الانتهاكات، ومطالباته لإسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بوقف جميع الممارسات الاستفزازية، التي تعد استمرارا لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الرامية إلى مواصلة التصعيد الخطير في الضفة الغربية.

يبدو واضحا أن الاحتلال الإسرائيلي بات يحتاج من يطرق باب ذاكرته ليذكّره بصفته الاحتلالية، وبما عليه من مسؤوليات، وهو ما يقوم به الأردن بمجاهرة الموقف والصوت والإجراء، في رفض واستنكار وإدانة ووضع الواقع القانوني لمنع إسرائيل من المضي في حربها على كل ما هو قانوني، وحربها على الإنسانية.

(الدستور)





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق