الأردن يعزز جهود مكافحة عمل الأطفال ويحقق تراجعا ملحوظا بالظاهرة

هلا أخبار – يواصل الأردن مواجهة استغلال الأطفال وإدخالهم إلى سوق العمل قبل الوقت الطبيعي لدخولهم له من قِبل عدد من الأشخاص، وقام بسنَّ قوانين وتشريعات ووضع حلول لذلك على مدار سنوات.
في اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال والذي يصادف يوم 12 من شهر حزيران من كل عام والذي يحتفل به الأردن تحت شعار ” طفل يتعلم .. أردن يتقدم”، جرى رصد حال عَمَالة الأطفال فيها، والتقاء عددًا من الحرفين والمختصين بالقانون والعمل، وتبين أنَّ العقوبات والإجراءات الوقائية التي طبقها الأردن تسبَّبت بتلاشي هذه الظاهرة بشكل كبير جدًا.
ففي المنطقة الصناعية في منطقة ماركا شرق العاصمة عمَّان تبين لوكالة الانباء الاردنية أنَّ المهندس محمد المومني يقوم بتشغيل مجموعة من الأشخاص في محل صيانة المركبات، وعند سؤاله عنهم وهل هم دون السن القانونية قال هؤلاء متدربين من المدارس الصناعية التابعة لوزارة التربية والتعليم، وهم يتدربون وفق برنامج ساعات محدَّد وإشراف مباشر من المدرسة، ولديهم تأمين صحي ولا يتم تصنيفهم بأنهم يعملون وهم أطفال.
وأضاف أنَّ هناك سبب رئيس في تشغيل الأطفال وهو قيام عدد من أولياء الأمور بالموافقة وإحضاره للعمل في عدة أماكن وخصوصًا في أوقات العطلة الصيفية، لكن الفترة الأخيرة أصبحت العقوبات مغلظة والجولات الرقابية متعددة على المحلات التجارية وبالتالي تلاشت هذه الظاهرة إلى درجة كبيرة.
وأكد انَّه يرفض تشغيل الأطفال، والخطورة الأكبر في تشغيلهم هو انَّهم صغار وقد يتعرضون للأذى وفي حال تعرضهم للأذى تصبح المسؤولية مضاعفة والعقوبات أكبر، وبالتالي فإنَّ أصحاب العمل لا مصلحة لديهم بتشغيل الأطفال، ناهيك عن وجوب التصرف بإنسانية وعدم انتهاك حقوق الأطفال والالتزام بالقانون الذي يُنصف هذه الفئة.
ووفقا لارقام وزارة العمل فإنَّ عدد حالات عمل الأطفال المكتشفة في السنوات الأربعة الأخيرة وأول خمسة أشهر من العام 2025 بلغت ألفين و505 حالات موزعة على ألف و87 حالة خلال العام 2021، و520 حالة عام 2022، و507 حالات خلال العام 2023، و294 حالة خلال العام 2024، و97 حالة بين الأول من شهر كانون الثاني وحتى 31 أيار من العام الحالي 2025، حيث تبين هذه الأرقام انخفاض متدرج للمخالفات وصولًا إلى الرقم الأخير في العام 2025.
وحرَّرت وزارة العمل 736 مخالفة بحق أرباب عمل قاموا بتشغيل أطفال لدى منشآتهم خلال السنوات الأربعة الأخيرة وأول خمسة أشهر من العام 2025، توزعت بين 104 مخالفات خلال العام 2021، و160 مخالفة خلال العام 2022، و242 مخالفة خلال العام 2023، و181 مخالفة خلال العام 2024، و49 مخالفة بين الأول من شهر كانون الثاني و31 أيار من العام الجاري 2025.
ووجهت الوزارة حسب أرقامها الرسمية ألف و51 إنذارًا خلال السنوات الأربعة الأخيرة لكل من ثبت عليه تشغيل أطفال في منشاته، توزعت بين 433 إنذارا خلال العام 2021، و142 إنذارًا خلال العام 2022، و259 إنذارًا خلال العام 2023، و201 إنذارًا خلال العام 2024، بينما شهدت الأشهر الأولى من العام 2025 توجيه الوزارة ل 16 إنذارًا لتشغيلهم الأطفال وانتهاك حقوق النسان ومخالفة القانون.
ونفذت الوزارة خلال أول خمسة أشهر من العام 2025 زيارات تفتيشية للحد من عمل الاطفال على ألفين و481 منشأة تم الكشف فيها عن (97) حالة طفل عامل وتمَّ اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين وتمثلت بتوجيه 16 انذار و49 مخالفة بحق اصحاب العمل، وتلقت الوزارة 40 شكوى عمالية عبر منصة حماية مختصة بحقوق الاطفال العاملين.
ووصل الوزارة 15 بلاغا من المواطنين عبر القنوات المختلفة حول حالات أطفال عاملين في سوق العمل، بالاضافة الى تنفيذ حملة تفتيشية متخصصة للحد من عمل الاطفال في الربع الاول من هذا العام ركزت على القطاعات والانشطة الاقتصادية الاكثر تشغيلاً للاطفال.
مفوضة الحماية في المركز الوطني لحقوق الانسان الدكتورة نهلا المومني قالت لوكالة الانباء الاردنية إنَّه وفي إطار المنظومة القانونية الوطنية وامتثالا للمعايير الدولية لحقوق الانسان وتحديدا اتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية رقم (182) لسنة 1999م بشأن حظر أسوا أشكال عمل الأطفال وكذلك الهدف السابع من اهداف التنمية المستدامة والذي اكد ضمن مقاصده على ضمان حظر جميع اشكال عمل الاطفال، عمل الأردن على إقرار حماية متكاملة للحد من عمل الأطفال تمثلت ابتداء بالحماية الدستورية الواردة في المادة السادسة والتي أكدت على أن يحمي القانون الطفولة ويمنع الإساءة والاستغلال”، وأكدت المادة 23 من الدستور أيضا على وضع تشريعاً خاصاً بالعمل على أن يتضمن شروطاً خاصة بعمل الأحداث .
وأضافت أنَّه وعلى صعيد القوانين اكد قانون حقوق الطفل لسنة 2022 على حظر تعريض الطفل للاستغلال بما في ذلك الاستغلال الاقتصادي وإجباره على العمل أو التسول، وألزم مقدمو الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية ومفتشو العمل وكل من يعلم عن أطفال يتم استغلالهم تبليغ الجهات المختصة.
ولفتت إلى أنَّ قانون التنمية الاجتماعية لسنة 2024 نصَّ على تقديم خدمات الحماية والرعاية للأطفال المتسولين والحد من ظاهرة التسول بكافة أشكاله وصوره ووسائله من خلال وضع الخطط والبرامج، وإنشاء صندوق الحماية والرعاية الاجتماعية، بالإضافة الى قانون العمل الذي نص على حظر تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشر من عمره بأي صورة من الصور، وحظر تشغيل الحدث الذي لم يكمل 18 من عمره في الأعمال الخطرة أو المُرهِقة أو المُضرة بالصحة.
وأكدت أنَّ قانون منع الإتجار بالبشر وتعديلاته اعتبر التسول المنظم جريمة اتجار بالبشر، وعلى صعيد الأنظمة فقد صدر نظام حماية الاحداث والذي عرَّف الحدث العامل، وكذلك نظام عمال الزراعة لسنة 2021 والذي حظر تشغيل الحدث الذي لم يكمل 16 من عمره في الأعمال الزراعية، ونص على عدم تشغيل الحدث الذي لم يكمل 18 من عمره في الأعمال الخطرة.
وقالت أنَّه وبهذا الصدد فانه ولغايات الاستمرار في الحد من هذه الظاهرة فانه لا بد من الاستمرار في تطبيق الإطار الوطني للحد من حالات الأطفال العاملين والمتسولين وتكثيف حملات الرقابة على أماكن العمل وتجريم التسول الذي يكون يأخذ اشكالا أخرى مثل البيع بثمن زهيد وغيره، وتعزيز شبكة الدعم الاقتصادي والاجتماعي للأطفال واسرهم والحد من ظاهرة التسرب المدرسي التي تلعب دورا هاما في توجيه الأطفال نحو العمل.
وعن دور الإعلام في بث الوعي بعمالة الأطفال وانتهاك حقوقهم قالت مدربة التربية الإعلامية رناد عيسى إنَّ عمالة الأطفال واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية تعقيدا، وسط التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، وتتطلب تكاتف الجميع لمواجهتها والأردن يقوم بدور مهم جدًا على مستوى التشريعات والإجراءات الميدانية.
وأضافت أنَّ الإعلام يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل وعي المجتمع، وبالتالي فإن طريقة تناول قضية عمالة الأطفال في وسائل الإعلام تؤثر بشكل مباشر على نظرة المجتمع إليها، والتغطيات التي تفتقر إلى العمق والبعد الإنساني قد تسهم في ضياع البوصلة.
وأكدت أنَّ الأردن التزم وبشكل كبير وبالأرقام في الحد من عمالة الأطفال، من خلال التشريعات والسياسات الوطنية، إضافة إلى البرامج التوعوية والميدانية التي تعمل عليها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين، وهذه الجهود انعكست في تطوير آليات الرصد والحماية، وتوسيع نطاق التعليم والدعم الاجتماعي للأسر الأقل حظا.
وأكدت انَّ الصحفيين والإعلاميين يحملون مسؤولية أخلاقية ومهنية في نقل صوت الأطفال العاملين، والتعامل مع قصصهم بحساسية عالية واحترام لكرامتهم، كما يجب أن يكون التناول الإعلامي مبني على معلومات دقيقة وسياق واضح، ويسهم في الضغط باتجاه وضع حلول حقيقية وشاملة، بعيدا عن التناول السطحي أو الاستغلالي.
–(بترا)