سياسيون: خطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي يعكس الثوابت الأردنية

هلا أخبار – أكدت فاعليات رسمية وسياسية، أن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي اليوم الثلاثاء، شكل علامة فارقة في الخطاب السياسي العربي وجاء ليعيد الاعتبار للمنظومة الأخلاقية الدولية التي تزعزعت بفعل ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن جلالته تحدث باسم جميع الفئات الإنسانية في المجتمع الدولي ووجه رسالة واضحة وصريحة للمجتمع الدولي مفادها، أن استمرار الصمت حيال العدوان على غزة وتقويض فرص السلام العادل يهدد مستقبل الأمن العالمي ويقوض ما تبقى من مصداقية للقانون الدولي.

وقال وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق الدكتور محمد طالب عبيدات، إن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي، محطة محورية في مسار الدبلوماسية الأردنية، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، والتصعيد الخطير بين إسرائيل وإيران، مبينًا أن توقيت الخطاب جاء في لحظة فارقة حمل فيها الملك صوت الضمير العربي والإنساني إلى واحدة من أهم المنصات البرلمانية العالمية وتضمن رسائل استراتيجية تتعلق بالأمن الإقليمي، والشرعية الدولية، وحقوق الإنسان.

وأضاف “حمل جلالته في خطاب تاريخي ومؤثر رسالة الأردن إلى العالم؛ كرسالة تحذير وكرامة وسلام؛ فحذّر بوضوح من توسّع الحرب في منطقتنا بعد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، مؤكدًا أن استمرار هذا النهج سيجرّ المنطقة والعالم إلى مزيد من الدمار.

وبين عبيدات، أن الملك أحاط الأوروبيين بصراحة: “أنتم بوصلتنا الأخلاقية” كدعوة للوقوف مع الحق والعدل، وعدم الصمت أمام المآسي؛ وهو ما يشكل تجديدًا هاشميًا على دور الأردن كحليف استراتيجي وشريك موثوق لأوروبا، رغم التحديات والضغوط، وخاصة في قضايا اللاجئين، والأمن، والمياه، والطاقة.

وأشار الى تكاملية الخطاب الملكي في التأكيد على الوصاية الهاشمية واحترام الوضع القانوني والتاريخي للقدس والمقدسات إلى جانب الإشارة الواضحة إلى مركزية القضية الفلسطينية، مبينًا أن هذا الخطاب أكثر من مجرد كلمات؛ بل كان صوت قائد شجاع، وزعيم يدافع عن أمته، ويخاطب ضمير العالم؛ ليكون صوت الحكمة والرحمة كما دوماً.

ونوه عبيدات إلى أن حديث الملك لم يقتصر على الإدانة، بل طالب المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه ما يجري في الأراضي المحتلة، في ظل عجز واضح في قرارات مجلس الأمن وازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، مشددًا حرص الملك على توجيه رسالة واضحة مفادها، أن اندلاع حرب إقليمية سيكون كارثة على الجميع، ولن يكون أحد بمنأى عن تبعاتها.

وأكد، أن الخطاب الملكي قدّم الأردن كصوت عقلاني يدعو إلى التهدئة وضبط النفس والعودة إلى المسار الدبلوماسي، والتأكيد على أهمية العمل الجماعي في منع تفجر الأوضاع على نطاق أوسع.

وقال وزير النقل الأسبق المهندس انمار الخصاونة، إن جلالة الملك قدم خطابًا عميقًا يعكس الشجاعة الدبلوماسية الأردنية في قول الحقيقة أمام العالم، وعبر بلسان عروبي عن مشاعر الملايين تجاه الأحداث القائمة في الشرق الأوسط في غزة والصراع القائم بين إيران وإسرائيل، مضيفًا أن جلالته وجه لإعادة ضبط البوصلة الأخلاقية التي شابها العوج والانحراف لدى كثير من القوى العالمية التي غيبت معايير العدالة والأخلاق في التعامل مع الدماء الإنسانية وتجاهل ما يحدث في المنطقة.

وأضاف، أن الخطاب تميز بكونه مكتمل الأركان وواضح البيان يخاطب العقول والوجدان العالمي بضرورة الإسراع لترميم ما تبقى من قيم ومعايير أخلاقية تجاه ما يحدث في العالم، مبينًا أن الملك لم يتحدث فقط عن المأساة في غزة بل عن الانحدار الأخلاقي العالمي الذي يشهده النظام الدولي بسبب تجاهله تطبيق القانون على الجميع.

وقال مدير مدينة الحسن للشباب الدكتور إبراهيم الشخانبة، إن الملك وضع النقاط على الحروف حين ربط بين غياب العدالة القانونية واستمرار العنف والفوضى، مشيرًا إلى أن الخطاب الملكي شكل تأكيدًا جديدًا امام القادة الدوليين على الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ورفض المساس بمكانتها وقدسيتها وجدّد موقف الأردن الدائم بأن لا سلام دون إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

ونوه، أن توقيت الخطاب يحمل صوت الحق في وجه ازدواجية المعايير التي تطغى على ملامح النظام العالمي اليوم، مما يستوجب أن يستنفر العالم للقيام بمسؤولياته الأخلاقية والقيمية تجاه الإنسانية وحقوق المستضعفين التي تجرأت عليها ممارسات فوضوية وتجاهل متغطرس لقدسية حياة الآخرين وقيمتها.

من جانبه، قال الناشط السياسي والمجتمعي الدكتور علي يوسف المومني، إن خطاب جلالة الملك لا يعبر فقط عن الموقف الرسمي الأردني بل يعكس وجدان الشعوب العربية والإسلامية التي تتابع يوميًا ما يحدث في غزة من جرائم إنسانية، مضيفًا أن الخطاب الملكي تسيده لغة الضمير الإنساني الواضحة التي يدركها الجميع والتي تستوجب أن يبادر المجتمع الدولي لتحمل مسؤولية ما يحدث والمبادرة الأخلاقية الطارئة لتوفير الحلول العادلة ونشر دعائم السلام والطمأنينة.

وشدد على أن موقف الأردن المتقدم في الدفاع عن القضايا العربية العادلة يتوج من خلال قيادة حكيمة تعبر بوضوح ودقة عن معاناة غياب المعايير العادلة في التعامل مع قضايا المنطقة وأن كلمته حملت أبعادًا إنسانية وسياسية عميقة، مشيرًا إلى أن الملك كان وسيبقى صوت العدالة الأعلى والأوضح في المجتمع الدولي وقد شهد جميع قادة العالم بحضور هذا الصوت الحكيم عندما يسود الظلم وتغيب الحكمة.

بدوره، أكد الباحث الاقتصادي والسياسي الدكتور راكان نايف أبو زيد، أن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي، شكّل محطة استراتيجية بارزة في الحضور الدبلوماسي الأردني، ورسّخ مكانة الأردن بوصفه صوتًا عقلانيًا في منطقة تعصف بها التحديات.

وقال، إن جلالة الملك، من خلال مخاطبته للبرلمان الأوروبي للمرة السادسة منذ أكثر من عقدين، قدّم خطابًا نوعيًا يُعد الأهم من حيث التوقيت والرسائل، لا سيما في ظل اللحظة الحرجة التي تمر بها المنطقة، وما تشهده من تحولات مفصلية تؤثر في مستقبل الشرق الأوسط والعلاقات الدولية على حدّ سواء.

وأضاف، أن جلالة الملك خاطب الضمير الإنساني بشجاعة وجرأة، مؤكدًا أن ما يجري في غزة لا يُعد اختبارًا للفلسطينيين أو للعرب فحسب، بل للإنسانية جمعاء، في وقت لم تعد فيه المواقف الرمادية مقبولة أو قادرة على إرساء السلام أو تحقيق العدالة.

وأشار إلى أن جلالته شدّد على ضرورة العودة إلى القيم والمبادئ التي تأسست عليها الحضارات، واستعرض الدور التاريخي للإسلام في بناء منظومة إنسانية عادلة، مؤكدًا أهمية الحفاظ على المبادئ الأخلاقية، والتشبث بالقيم التي قام عليها الاتحاد الأوروبي ووحّدت شعوبه.

ولفت أبو زيد إلى أن جلالة الملك، أوضح أن السلام لا يُولد من الضعف بل من الشجاعة، وأن الطريق إليه ليس مستحيلًا، مشيرًا إلى أن الأردن قدّم نموذجًا في هذا السياق ساهم في استقرار المنطقة لعقود.

وأضاف، أن خطاب جلالته لم يوجَّه للمؤسسات الأوروبية فقط، بل خاطب الرأي العام الغربي، مؤكدًا أنه يُعد من أكثر الخطابات تأثيرًا في مسار السلام خلال العقد الحالي، من حيث الصراحة والوضوح والبعد الإنساني.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق