القطاع السياحي.. مرونة عالية تمكنه من التكيف وتجاوز التحديات

هلا أخبار – نظم منتدى الأردن لحوار السياسات، ضمن احتفالات المملكة بعيد الاستقلال والأعياد الوطنية، المؤتمر السياحي الوطني تحت عنوان “السياحة المستدامة في الأردن – التحديات والفرص”.

ويهدف المؤتمر، الذي انطلقت فعالياته في عمان، اليوم السبت، بمشاركة واسعة من صناع القرار والجهات الرسمية والأكاديمية ومؤسسات المجتمع المدني، إلى تسليط الضوء على واقع القطاع السياحي واستشراف سبل النهوض به ضمن إطار مستدام.

وقال العين المهندس جمال الصرايرة، راعي المؤتمر، إن انعقاد هذا المؤتمر المهم يأتي في توقيت دقيق يتطلب من الجميع الوقوف بمسؤولية أمام واقع القطاع السياحي، والتفكير بعمق في مستقبله، باعتباره أحد أعمدة التنمية المستدامة وركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى التوجيهات الملكية التي أولت القطاع السياحي مكانة مركزية ضمن مشروعات التحديث الاقتصادي، بوصفه محركا للتنمية ورافعة لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ مكانة الأردن كوجهة آمنة متنوعة وغنية بالمقومات الطبيعية والثقافية والدينية.

وقال إن تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم يعد إنجازا وطنيا كبيرا، ويمثل في الوقت ذاته فرصة استراتيجية لتعزيز السياحة الرياضية كأحد الأنماط الحديثة في القطاع، فضلا عن دوره في تسليط الضوء على الأردن كمركز إقليمي لاستضافة الفعاليات الدولية.

وأكد أن من أبرز عناصر الجذب السياحي التي يتميز بها الأردن هي نعمة الأمن والاستقرار، والتي تعد ميزة نادرة في محيط إقليمي مضطرب، لافتا إلى أن مستقبل السياحة مرتبط بشكل وثيق بالقدرة على مواكبة التحول الرقمي، حيث أصبحت التكنولوجيا الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، جزءا لا يتجزأ من تجربة السائح، سواء في الحجز أو التنقل.

وبين ضرورة تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإيجاد بيئة سياحية ذكية تستجيب لتطلعات الأجيال الجديدة من الزوار.

وأوضح أن السياحة البيئية والدينية والعلاجية تمثل روافد رئيسية للقطاع، وتوفر فرصا واعدة للنمو المستدام، لافتا إلى أن الأردن يمتلك مقومات فريدة في هذه المجالات.

بدوره، قال أمين عام وزارة السياحة والآثار الدكتور فادي بلعاوي، إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها الإقليم تستدعي تضافر الجهود كافة للمحافظة على استدامة القطاع السياحي وتجاوز التحديات الراهنة التي تواجهه.

وأضاف أن القطاع السياحي يعد من أهم القطاعات الاقتصادية، حيث يساهم بأكثر من 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر، وتفوق هذه النسبة عند احتساب التأثير غير المباشر، كما يعد من أبرز محركات رؤية التحديث الاقتصادي.

وبين أنه رغم حساسية القطاع وتأثره بالظروف الإقليمية، إلا أنه يتمتع بمرونة عالية تمكنه من التكيف وتجاوز التحديات، مؤكدا أن أحد أبرز عوامل الاستدامة في القطاع السياحي هو الأمن والاستقرار، وهي ميزة يتمتع بها الأردن وتشكل ركيزة لا تقل أهمية عن تنوع المنتج السياحي والثقافي والبيئي والطبيعي.

وقال: “عند الحديث عن السياحة المستدامة يستوجب التطرق إلى 3 محاور رئيسية هي الاستدامة الاقتصادية، والاستدامة الاجتماعية، والاستدامة البيئية”، مؤكدا أهميتها في تحقيق التوازن المطلوب لضمان ديمومة القطاع.

وفيما يتعلق بالاستدامة الاقتصادية، لفت إلى أهمية البحث في 3 عوامل رئيسية، منها تعظيم العائد من المواقع السياحية ذات القيمة العالية، وضمان ديمومة هذا الدخل وتنميته، إضافة إلى تعزيز قدرة المواقع على تقديم الخدمة بجودة عالية واستيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار، عبر إدارة فاعلة تحافظ على الموقع ومكوناته، مشيرا إلى جهود الوزارة في تطوير مواقع سياحية بديلة لتخفيف الضغط عن المواقع الرئيسة، وتحقيق التنوع في المنتج السياحي.

وحول الاستدامة الاجتماعية، أكد أن المجتمعات المحلية تمثل محورا رئيسيا في عملية تطوير القطاع، وأن نجاح أي مشروع سياحي يرتكز على اندماج تلك المجتمعات فيه، موضحا أن الوزارة أولت هذا الجانب اهتماما كبيرا، من خلال دعم وتطوير التجارب السياحية المحلية، وتدريب أبناء المجتمعات.

من جهته، قال أمين عام وزارة الثقافة الدكتور نضال العياصرة، إن الأردن يمتلك إرثا ثقافيا غنيا يمتد لآلاف السنين، ويعد بمثابة متحف مفتوح لما يحويه من تاريخ متنوع وتراث عريق.

وأوضح أن السياحة الثقافية في الأردن لا تقتصر على المواقع الأثرية فحسب، بل تشمل أيضا التقاليد الشعبية، والموسيقى، وفن السامر، وكل ما يرتبط بالتراث الوطني، بما في ذلك الحرف التقليدية والمطبخ الأردني، لافتا إلى أن الفعاليات والمهرجانات الثقافية تسهم بدور في تعزيز هذا النوع من السياحة.

وأشار إلى أن الأردن يتميز بتنوعه الحضاري وثرائه الثقافي الذي تشكل عبر تاريخه الطويل، ما جعله وجهة مثالية للباحثين عن المعرفة والتراث، ومقصدا للدارسين والباحثين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.

وأكد رئيس المنتدى الدكتور حميد البطاينة، أن تنظيم المؤتمر يأتي في إطار سعي المنتدى إلى إيجاد منصة جامعة لأصحاب القرار وصناع السياسات والخبراء وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، بهدف تسليط الضوء على واقع السياحة المستدامة في الأردن، واستعراض أبرز التحديات التي تواجه القطاع، إلى جانب استكشاف الفرص المتاحة للنهوض به.

وبين أهمية فتح حوار بناء لتشخيص واقع القطاع السياحي بمختلف مكوناته، والخروج بخارطة طريق واضحة لوضع سياسات وبرامج عملية وقابلة للتنفيذ، تمكن القطاع من مواجهة التحديات الراهنة وتدعم استدامته.

وقال إن السياحة المستدامة لم تعد خيارا، بل ضرورة وطنية واقتصادية واجتماعية، تتطلب تكاتف الجهود الرسمية والخاصة لضمان استدامة الموارد وتعظيم الفائدة الاقتصادية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية التحديث الاقتصادي للمملكة.

من جانبه، قال عميد كلية السياحة بجامعة اليرموك الدكتور أكرم الرواشدة، إن جلالة الملك عبد الله الثاني، أولى القطاع السياحي اهتماما كبيرا، باعتباره من الركائز الأساسية للاقتصاد، ومكونا محوريا في تعزيز صورة الأردن على المستويين الإقليمي والدولي.

وأضاف أن جلالته وجه الحكومات المتعاقبة من خلال كتب التكليف السامي إلى ضرورة دعم القطاع السياحي والنهوض به، بما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، والمحافظة على التراث الوطني الغني الذي يتمتع به الأردن.

وأكد أن هذا التوجيه الملكي المستمر يعكس إيمان القيادة الهاشمية بأهمية السياحة كقطاع استراتيجي، ما يتطلب رؤية واضحة وجهودا متكاملة من جميع الأطراف لتطويره وتعزيز تنافسيته.

وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأستاذ في جامعة اليرموك الدكتور عاطف الشياب، إن القطاع السياحي شهد خلال السنوات الأخيرة تحديات متزايدة بسبب الظروف الإقليمية المحيطة والتحولات في أنماط السفر والسلوك السياحي عالميا، مبينا أن هذا المؤتمر جاء استجابة لحاجة وطنية ملحة لفتح نقاش جاد وتحليل علمي وبحث مشترك بين الفاعلين والمهتمين كافة بغرض تشخيص الواقع السياحي واستشراف مستقبله.

وأكد حرص اللجنة التحضيرية على أن تكون محاور المؤتمر شاملة تعكس التحديات الواقعية التي تواجه القطاع السياحي في المملكة، وتفتح المجال أمام الرؤى والمبادرات العملية التي تساهم في تطوير القطاع، لافتا إلى ضرورة التعاون الوثيق بين القطاع العام والخاص والمجتمع المحلي والمؤسسات الأكاديمية والبحثية، لتحقيق تنمية سياحية مستدامة قادرة على المنافسة إقليميا وعالميا.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق