خبراء يحذرون من انزلاق خطير نحو مواجهة شاملة
أبو زيد: الضربة الأمريكية أخّرت البرنامج النووي الإيراني لكنها لم تنزع قدراته

هلا أخبار – تحرير محمد فريج
حذر خبراء في الشأنين السياسي والعسكري من خطورة التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، مؤكدَين أن دخول الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر على خط المواجهة ينذر بتحولات جذرية في طبيعة الصراع الإقليمي، وقد يُفضي إلى مرحلة من اللاعودة.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عبد الحكيم القرالة، في حديثه لـ”راديو هلا”، يرى أن الضربات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية تمثل منعطفاً خطيراً في مسار الصراع، مبيناً أن واشنطن اختارت توقيتاً مفاجئاً قبل انتهاء مهلة الأسبوعين التي كانت قد أعلنتها سابقاً.
وقال القرالة إن إيران تجد نفسها اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تقبل الضربات وتتكبد الخسائر، أو ترد بعمليات مباشرة ضد إسرائيل وضد المصالح الأمريكية في المنطقة.
وأضاف أن السيناريو المرجح يتمثل في استخدام طهران لأذرعها ووكلائها في المنطقة، إلى جانب تهديد مضيق هرمز، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية عالمية كبيرة.
وأشار إلى أن الضربة الأمريكية جاءت لتحسين الموقف التفاوضي لواشنطن، ودفع طهران إلى القبول بالشروط الأمريكية، لافتاً إلى أن الملف النووي الإيراني يعد الورقة الأهم لطهران على طاولة المفاوضات، وأن استهدافه هو بمثابة كسر لتوازن الردع القائم.
وعن مدى جدية التدخل الأمريكي، أوضح القرالة أن العلاقة العضوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تفسّر هذا التماهي في القرار والتوقيت، مرجحاً أن تكون هناك تنسيقات عسكرية عالية المستوى بين الطرفين، ومشيراً إلى أن هذا التصعيد يهدف إلى كبح الطموحات النووية الإيرانية وتغيير خارطة التوازن الإقليمي لصالح إسرائيل.
اقرأ أيضا: وزير الدفاع الأميركي يؤكد تدمير البرنامج النووي الإيراني
وفي ما يتعلق بالمشهد الداخلي الأمريكي، أكد القرالة أن هناك انقسامات سياسية واضحة، وأن الضربة لم تحظَ بموافقة الكونغرس، مما قد يؤدي إلى موجة انتقادات داخلية للرئيس الأمريكي، خاصة في ظل تمسك الولايات المتحدة بدورها كنموذج ديمقراطي.
من جهته، يرى عضو مجلس الأعيان والمحلل السياسي الدكتور عمر عياصرة إن دخول الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر على خط المواجهة مع إيران شكّل نقطة تحول استراتيجية في الصراع القائم، مؤكداً أن “إيران خرجت من المعركة وقد جُردت من مشروعها النووي، ولن تعود إلى طاولة التفاوض كما كانت من قبل”.
وأوضح عياصرة أن الضربة الأميركية الأخيرة استهدفت بعمق المنشآت النووية الإيرانية، ووضعت طهران أمام خيارين: الرد العسكري الرمزي لحفظ ماء الوجه، أو التوجه نحو تسوية سياسية بموقف أضعف، مشدداً على أن “إيران تدرك أن استمرار التصعيد قد يهدد بنية النظام داخلياً ويؤدي إلى سقوطه على المدى المتوسط أو البعيد”.
وأشار إلى أن إيران ستبدأ بمحاولة رد تكتيكي لإثبات قدرتها على البقاء، لكنها ستواجه حسابات داخلية معقدة تتعلق بغضب المجتمع و”خديعة النووي” التي طالما بُنيت عليها شرعية النظام. وأضاف: “النظام الإيراني خسر جزءاً من شرعيته الثورية والنووية، وإن لم يبادر إلى إصلاح داخلي فقد ينهار لاحقاً”.
وفي السياق الإسرائيلي، لفت عياصرة إلى أن هذه الحرب قد تمنح حكومة نتنياهو فرصة لإعادة تقديم نفسها، لكنها لا تضمن له البقاء في السلطة، خاصة في ظل التجربة التاريخية الإسرائيلية التي غالباً ما تطيح بالقيادات بعد الحروب الكبرى.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، حذّر عياصرة من أن نتائج هذه الحرب ستزيد من شراسة إسرائيل تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث ستستفيد الحكومة اليمينية من الانشغال الإقليمي ومن “شرعية” المواجهة مع إيران لتكثيف الضغط على الفلسطينيين.
وختم بالقول: “المنطقة مقبلة على تسويات سياسية سريعة بعد هذه الجولة من التصعيد، لكن آثارها بعيدة المدى على النظام الإيراني، وعلى التوازنات في الإقليم، ستكون عميقة وصادمة”.
على الصعيد العسكري، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور نضال أبو زيد إن دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة جاء نتيجة استنزاف منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، مما فرض تدخلاً أمريكياً “إنقاذياً” لمنع انهيار الردع.
وحول احتمالية انجرار واشنطن إلى صدام مباشر، أوضح أبو زيد أن إيران قد تلوّح بإغلاق مضيق هرمز، لكنه استبعد تنفيذ هذا التهديد بسبب الضمانات الدولية التي تحيط بالممرات المائية الاستراتيجية. وبيّن أن الرد الإيراني المحتمل قد يتمثل في الانسحاب من معاهدة حظر الأسلحة النووية، أكثر من كونه رداً عسكرياً مباشراً على المصالح الأمريكية.
وأشار أبو زيد إلى أن طهران تمتلك مقومات الصمود على المدى الطويل، بما في ذلك الجغرافيا والديموغرافيا والمخزون الصاروخي، مؤكداً أن الضربة الأمريكية لم تؤدِ إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني بقدر ما هدفت إلى تأخيره.
اقرأ أيضا: الأردن يحذر من التداعيات الكارثية للتصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة
وعن السيناريوهات المستقبلية، قال أبو زيد إن الصراع بلغ ذروته، وإن الساعات أو الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة، مرجحاً أن توجه إيران ضربة محدودة بهدف استعادة توازن الردع قبل الدخول في مفاوضات. وأكد أن كلا الطرفين يدرك حتمية العودة إلى طاولة التفاوض، ولكن بشروط متضادة: فإيران تريد التفاوض ومعها أوراق قوة، بينما تسعى واشنطن وتل أبيب لإجبارها على العودة مجرّدة من تلك الأوراق.