أكثر من ساعة مع أطفال غزة

نيفين عبد الهادي

يوم مختلف، بكافة تفاصيله، ولا يمكنني أن أخفي أنها تفاصيل اجتمعت بها مشاعر الفخر بدور أردني عظيم بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني تجاه أهلنا في غزة، مع ألم يعتصر القلب في رؤية أطفال منهم لم يتجاوز العام وهو يعاني من ورم في الدماغ، وآخر فقد كل أفراد أسرته استشهدوا في حرب الإبادة على قطاع غزة، ولم يبق له سوى جدته، يوم مختلف لا يشبه أي يوم آخر، التقيت به بعدد من أطفال غزة مرضى السرطان مع عائلاتهم ممن يتلقون العلاج في مركز الحسين للسرطان.

أكثر من ساعة، ربما ساعتين أو أكثر أو أقل، لم يكن للزمن أهمية، ولا للساعات تسارع كغيرها من ساعات، فالزمن يتوقف حين تقف أمام أطفال ليسوا أطفالا، هم شاخوا وهم أطفالا، صارعوا المرض، وهزموه، وواجهوا محتلا هو الأشرس بتاريخ البشرية، وانتصروا عليه بصمودهم وثباتهم على ترابهم الوطني، وانتصروا على وجع يتمهم أو فقدانهم أفرادا من أسرهم بمزيد من الثبات والصبر، ليسوا أطفالا هم رجال على هيئة أطفال، يتحدثون عن المرض بقوة وصبر وثبات، ويشتاقون لغزة كل يوم أكثر، فرغم كل ظروفهم ما تزال غزة حبّهم وبوصلتهم نحوها.

في شرف صحفي لي، جلست مع عدد من أطفال غزة مرضى السرطان الذين يتلقون علاجهم في مركز الحسين للسرطان، قدموا للأردن بلد النشامى بلد الخير والسلام والأمن، ضمن مبادرة جلالة الملك عبدالله الثاني (الممر الطبي الأردني – غزة)، مستمعة لكل كلمات ومعاني الشكر والحبّ والعرفان لجلالة الملك عبد الله الثاني، من حناجر نادت وتنادي لنجدتها ولم يسمعها وينتصر لها سوى الأردن بقيادة جلالة الملك، خذلهم العالم، ولم يبق لهم سند سوى الأردن بتوجيهات ومتابعة من جلالة الملك.

أطفال تحدثوا عن شعب، تحدثوا بلسان وطن يتوجع ولم يجد معينا سوى الأردن، بالفعل لا بالقول، لتسمع منهم كلمات شكر كبيرة، قابلها تأكيدات بأن الأردن بقيادة جلالة الملك منحهم فرصة نجاة، وبدّل ألمهم بأمل، فوجدوا في عمّان كل ما يحتاجون، وأكثره أهمية العلاج لمرضهم، وأوجاعهم، التي لم يجدوا لها مسكنات في غزة، قدموا لعمّان وقد انتشر المرض بجسدهم، وبث الألم في أجسادهم النحيلة نتيجة سوء التغذية، وعدم توفّر العلاج، ولو بحده الأدنى، لتصبح كل هذه التفاصيل خلف ظهورهم بمجرد دخولهم الأردن، حيث وجدوا العلاج وتوفرت لهم كل الخدمات والمستلزمات التي يحتاجون لها من طعام وشراب ومواصلات وهواتف وغيرها من مستلزمات حلموا بها وظنّوها مستحيلة، لتصبح بين أيديهم اليوم بسواعد أردنية تقدّم لهم بكل حبّ وإنسانية.

وفي مركز الحسين للسرطان، هذا الصرح الطبي الأردني، يقف بيد واحدة لمد يد العون والمساعدة لأطفال غزة، بجوانب متعددة صحيا ونفسيا وحتى خدماتيا، يقدّم أعلى درجات الخدمات الطبية بأجودها وأفضلها على مستوى دولي، ويمد العون الإنساني لجهة الدعم النفسي والاجتماعي، وحتى التعليمي لأطفال غزة ومرافقيهم، حتى أنه تم توفير تعليم جامعي لأحد مرافقي الأطفال خلال فترة تواجده في عمّان، ليقدّم المركز بسواعد نشامى كوادره الطبية والإدارية حالة متكاملة من العطاء منقطع النظير لأطفال غزة، طبيا وإنسانيا ويبعث في حياتهم نبض الفرح الذي غاب عنها منذ قرابة العامين.

ويبقى عند أطفال غزة، الكثير الكثير من الكلمات ومن الحب والوفاء والشكر لجلالة الملك وللأردن، ولكل من قدّم ويقدّم لهم ما يحتاجون، حتى أن بعضهم قال تحققت أحلامي ولم يعد عندي ما أحلم به، وفي قولهم الحقيقة كاملة بما يشعر به أهلنا في غزة للأردن بقيادة جلالة الملك.

(الدستور)





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق