العين القضاة: المخدرات قوة دافعة لأبشع الجرائم وتهديد للأمن الاجتماعي
العين القضاة: المدمن خطر متحرك يهدد استقرار المجتمع الأردني

هلا أخبار – حذّر الخبير الأمني والاستراتيجي، عضو مجلس الأعيان، اللواء المتقاعد عمار القضاة، من الخطر المتزايد لآفة المخدرات على المجتمع الأردني، مؤكدًا أنها باتت القوة الدافعة وراء ارتكاب أبشع الجرائم، خاصة الجرائم الأسرية التي تشهد تصاعدًا مقلقًا.
وأوضح أن المواد المخدرة الكيميائية المصنعة، مثل الكريستال ميث (الشبو)، تُسبب هلوسات سمعية وبصرية خطيرة، تدفع المدمنين إلى سلوكيات عدوانية وجرائم عنيفة تشمل القتل، الاغتصاب، والسرقة، مما يجعل المدمن “خطرًا متحركًا” يهدد استقرار المجتمع.
وأشار اللواء القضاة، خلال مداخلة عبر برنامج “عوافي” الذي يُبث عبر راديو جيش إف إم، الإثنين، إلى أن الأردن يخوض حربًا مستمرة ضد آفة المخدرات، حيث تبذل القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية جهودًا جبارة لإحباط محاولات التهريب، خاصة عبر الحدود الشمالية.
وأكد أن هذه العمليات تُظهر حزم الأردن في مواجهة هذا الخطر، تحت رعاية مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي أعلن الحرب على المخدرات ويتابع هذا الملف عن كثب.
واستند القضاة إلى إحصائيات رسمية تكشف عن تسجيل 25 ألف جريمة مرتبطة بالمخدرات في الأردن خلال العام الماضي، تورط فيها 37 ألف شخص، موضحًا أن هذه الأرقام لا تشمل الجرائم الجنائية الأخرى الناتجة عن تعاطي المخدرات، مثل القتل وهتك العرض، والتي غالبًا لا تُسجل كمرتبطة مباشرة بالمخدرات.
واستشهد بحالات مروعة، منها جرائم قتل أفراد الأسرة، حيث أشار إلى حالات قتل أبناء لأمهاتهم أو إخوتهم تحت تأثير المخدرات، مثل حادثة قتل شاب لأمه ظنًا منه أنها زوجته، وآخر رأى والدته على هيئة أفعى بسبب الهلوسات الناتجة عن الكريستال ميث.
وأوضح القضاة أن المخدرات الكيميائية المصنعة، مثل الكريستال ميث (الميثامفيتامين) والفنتانيل، تُعد الأخطر بسبب سميتها العالية وقدرتها على إحداث الإدمان من الجرعة الأولى، مشيرًا إلى أنها تُسبب أضرارًا جسدية ونفسية مدمرة، من تشمع الكبد وهبوط الجهاز التنفسي إلى اضطرابات نفسية حادة تؤدي إلى العنف والعدوان.
وأضاف أن تجار المخدرات يستهدفون الأردن كممر لتهريب هذه المواد إلى دول الخليج، بهدف تدمير البنية الشبابية وتحقيق أرباح طائلة، لافتًا إلى أن هذه المواد تُروج بأسماء سوقية مثل “الشبو”، “الآيس”، أو “مخدر الشيطان” لتسهيل انتشارها.
ودعا القضاة إلى استنفار أسري ومجتمعي لمواجهة هذه الآفة، مؤكدًا أهمية دور الأسرة في مراقبة التغيرات السلوكية للأبناء، مثل التوتر، الثرثرة المفرطة، أو الاندفاعية العدوانية، وعدم التردد في الإبلاغ عن حالات التعاطي لدى إدارة مكافحة المخدرات.
وناشد الأمهات والآباء بعدم الخجل من طلب المساعدة، مشيرًا إلى قضية أم أخفت إدمان ثلاثة من أبنائها لسنوات حتى اكتشف الأب الأمر بالصدفة.
كما دعا إلى تعزيز الوعي المجتمعي عبر المدارس، الجامعات، والمؤسسات الدينية، وتكثيف البرامج التوعوية التي تُبرز مخاطر المخدرات.
وأشاد القضاة بجهود القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، التي نجحت في صد أكثر من 400 محاولة اقتحام للحدود خلال السنوات الثلاث الماضية، مستخدمة وسائل متطورة مثل رصد الطائرات المسيرة والقذائف المحملة بالمخدرات. وأكد أن هذه الجهود، بدعم من جلالة الملك وقيادة هيئة الأركان المشتركة، جعلت الأردن في صدارة الدول التي تواجه هذا الخطر بحزم.
لكنه شدد على أن نجاح هذه الحرب يتطلب تكاتف الجميع، بما في ذلك المجتمع المدني والجمعيات التي تدعم برامج مكافحة الإدمان.
وفي سياق الحلول، دعا القضاة إلى الاستفادة من مراكز علاج الإدمان مثل مركز عرجان، الذي يتسع لـ170 شخصًا لكنه لا يستقبل سوى 50 إلى 70 مدمنًا بسبب قلة الإقبال، رغم أن العلاج فيه مجاني ويتم بسرية تامة.
وحذّر من تخويف المروجين للمدمنين بأن العلاج سيؤدي إلى التنكيل بهم، داعيًا الأسر إلى مواجهة هذه الأكاذيب بالوعي والإصرار على العلاج الطوعي.
ودعا إلى خلق فرص عمل للشباب لقتل الفراغ، وتوجيه الدراما والإعلام لتقديم رسائل إيجابية تُبرز نهاية تجار المخدرات بالسجن أو الهلاك، بدلاً من تصويرهم كأبطال أثرياء.