انتشار الجيش في بورما وسط انقطاع الإنترنت

هلا أخبار – انتشرت قوّات عسكريّة الأحد، في بورما وسط انقطاع شبه تامّ للإنترنت، ما يثير مخاوف من حملة قمع واسعة ضدّ حركة الاحتجاج على الانقلاب.

وشهدت كلّ مناطق بورما الأحد “انقطاعات للإنترنت”، على ما أعلنت منظّمة “نتبلوكس” التي تُعنى بمراقبة تدفّق الإنترنت.

وأوضحت المنظّمة غير الحكوميّة أنّ الاضطرابات الكبرى في الشبكة “بدأت نحو الساعة 01.00 بالتوقيت المحلّي (18.00 ت غ)”، مشيرةً إلى أنّ الإنترنت يعمل بـ”14 بالمئة من مستواه العادي”، في وقت نُشرت قوّات عسكريّة في البلاد، ما يثير مخاوف من حملة قمع وشيكة ضد الحركة الاحتجاجيّة الرافضة للانقلاب.

وقال مقرّر الأمم المتّحدة الخاصّ لبورما الأحد إنّ قادة المجلس العسكري “سيُحاسبون” على أعمال العنف في البلاد.

وكتب توم أندروز على تويتر “يبدو أنّ الجنرالات أعلنوا الحرب على الشعب البورمي”، مضيفًا “على الجنرالات الانتباه: ستُحاسبون”.

وطالب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش السلطات البورميّة بـ”ضمان الاحترام الكامل للحقّ في التجمّع السلمي وعدم تعرّض المتظاهرين لأعمال انتقاميّة”.

كما طلب من الجيش أن يأذن “بشكل عاجل” للدبلوماسيّة السويسريّة كريستين شرانر بورغنر بالمجيء إلى البلاد “لتقييم الوضع بشكل مباشر”، بحسب ما قال المتحدّث باسم غوتيريش.

ورُصدت دبّابات في أحياء رانغون، كبرى مدن البلاد، حيث فرضت السلطات حظر تجوّل اعتبارًا من الساعة 20.00.

إطلاق “أعيرة” 

في شمال البلاد، فرّقت قوات الأمن الأحد حشدًا بإطلاق أعيرة باتّجاه المتظاهرين، وفق صحفيّة محلية.

وقالت الصحافية لوكالة فرانس برس “أطلقوا في بادئ الأمر الغاز المسيل للدموع، ثم أطلقوا أعيرة”، من دون أن توضح ما إذا تمّ استخدام الرصاص الحيّ أو الرصاص المطاطي.

كما أوقِف خمسة صحافيّين خلال هذه العمليّة، وفقًا لصحيفة محلية.

الأحد، دعت سفارات غربيّة الجيش الذي ينشر قوّات في بورما إلى “عدم استخدام العنف” ضدّ المتظاهرين الذين يحتجّون على الانقلاب.

وكتبت سفارات الولايات المتحدة وكندا ودول عدّة في الاتّحاد الأوروبي على تويتر “نطلب من قوّات الأمن عدم اللجوء إلى العنف ضدّ المتظاهرين والمدنيّين الذين يحتجّون على الانقلاب على حكومتهم الشرعية”.

ويسود تخوّف من ردّ فعل انتقامي في البلاد، بعدما قمع الجيش بشكل دموي آخر انتفاضتين شعبيّتَين في 1988 و2007.

لكنّ الحركة الاحتجاجية على الانقلاب الذي أطاح بالحكومة المدنيّة بزعامة أونغ سان سو تشي في الأوّل من شباط/فبراير، لا تزال مستمرّة بالزخم نفسه.

وصباح الأحد، ولليوم التاسع تواليًا، نزل آلاف البورميّين إلى الشوارع، فيما نشر الجيش لفترة وجيزة عربات مدرّعة في شوارع العاصمة.

في رانغون، تجمّع متظاهرون في أماكن عدّة، بما في ذلك قرب معبد شيوداغون الشهير، للمطالبة بالديمقراطية وبإطلاق زعيمتهم الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 1991.

وقرب محطّة القطارات المركزيّة، قطع سكّان الطريق بجذوع أشجار لمنع الشرطة من دخول حيّهم، وأخرجوا شرطيّين أتوا بحثاً عن موظّفين في مصلحة السكك الحديد مضربين عن العمل، لإرغامهم على استئناف العمل.

في داوي (جنوب)، أعلن سبعة شرطيّين انشقاقهم، وأفادت وسائل إعلام محلية عن انشقاقات أخرى في الأيّام الأخيرة.

ونشر المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال مين أونغ هلاينغ لائحة بأسماء سبعة من أبرز الناشطين، مطلوبين بسبب تشجيعهم على التظاهر.

وقال الأحد في بيان “إذا عثرتم على أحد الفارّين المذكورين في القائمة، أو إن توافرت لديكم معلومات عنهم، فبلّغوا أقرب مركز للشرطة. من يؤوي هؤلاء سيواجه ملاحقات بموجب القانون”.

منذ بدء الاحتجاجات، أوقف العسكريون نحو 400 مسؤول سياسي وناشط وأفراد من المجتمع المدني بينهم صحافيون وأطباء وطلاب.

ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في اللائحة، مين كو ناينغ، أحد قادة الحركة الطالبية في 1988 الذي أمضى عشر سنوات في السجن لدوره في التظاهرات ضد الحكم الديكتاتوري في تلك المرحلة.

وقال قبل ساعات من إصدار مذكرة توقيف في حقّه، “يوقفون الناس ليلاً وعلينا توخّي الحذر”. وجاءت تصريحاته في مقطع مصوّر نشره السبت عبر فيسبوك منتهكًا بذلك حظرًا فرضه المجلس العسكري على استخدام شبكة التواصل الاجتماعي. وأضاف “قد يضربون بشدّة وعلينا أن نكون مستعدين”.

صلاحيات استثنائية للقوى الأمنية 

منح مينغ أونغ هلاينغ السبت صلاحيّات استثنائيّة للقوى الأمنيّة التي بات بإمكانها تفتيش منازل بلا مذكّرات رسميّة، أو توقيف أشخاص فترة قصيرة بلا إذن قضائي.

ومساء الجمعة، تشكّلت لجان حراسة شعبية بشكل عفوي عبر البلاد مكلّفة حراسة الأحياء في حال تنفيذ السلطات عمليّات لتوقيف معارضين.

وقالت ميو كو كو، وهي من عناصر الحرس في أحد أحياء رانغون “لا نثق بأحد في الوقت الراهن، خصوصاً الذين يرتدون البزات”.

ويعتبر البعض أنّ الإفراج الجماعي عن سجناء هذا الأسبوع قد تمّ تنسيقه بهدف إثارة الاضطراب من خلال إطلاق سراح أشخاص سيّئي السلوك، وفي الوقت نفسه إخلاء مكان في السجون للمعتقلين السياسيين.

وصدرت تنديدات دوليّة كثيرة بشأن الوضع في بورما خلال الأسبوعين الأخيرين إلا أنها لم تؤدّ إلى تغيير موقف الانقلابيّين.

ويؤكّد المجلس العسكري الانقلابي أنّ انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر التي حقّق فيها حزب سو تشي “الرابطة الوطنيّة من أجل الديمقراطيّة” فوزًا ساحقًا، شابتها مخالفات.

كما يؤكّد أنّه تسلّم السلطة بما يحترم الدستور، وأمرَ الصحافيّين في البلاد بالتوقّف عن الحديث عنه على أنّه “حكومة انقلابيّة”.

وسو تشي متّهمة باستيراد أجهزة اتّصالات لا سلكيّة بصورة غير شرعيّة، وهي بصحّة جيّدة وقيد الإقامة الجبريّة في نايبيداو، العاصمة الإداريّة للبلاد، وفق حزبها.

وبقيت بورما تحت الحكم العسكري على مدى أكثر من خمسين عاما منذ استقلالها عام 1948.

 

أ ف ب






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق