رسالة الأمير الحسن تحذير داخلي خارجي

كتب: فايز الفايز

لا أحد يمكنه وضع شخصية الأمير الحسن بن طلال في خانة الشك السياسي عندما ينبري للحديث عن الأزمات الدولية التي أحاطت برقبة الشرق الأوسط، حتى وإن ذهب مباشرة بلسان حاله إلى الجمهور الإسرائيلي، ففي مقالته التي نشرتها صحيفة «ايديعوت احرونوت» الجمعة، حذر الأمير من إضاعة الفرص في التقدم السياسي والتعاون لخلق سلام جماعي، حسب منطق القانون الدولي الذي نص على عدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولته التاريخية، وأكد على مخاطر وقوع منطقتنا تحت تهديد الصراع النووي الذي تمتلكه حتى الآن ثلاث دول على رأسها الكيان?الإسرائيلي، ولكن المعضلة أن كرسي الحكم في تل أبيب مستولى عليه من قبل نتانياهو المرفوض أردنيا.

الأمير الحسن بمدرسته السياسية الشاملة يستحق أن يكون مرجعية الفكر في شرق أوسط محكوم بانعدام التفكير بعيد المدى، فكل الدول العربية تتعامل مع المنطق حسب مصالحها الضيقة، وتعتمد على ميزان القوة العسكرية ومنطق دحر الآخر، وابتلاع الموازنات المخصصة للجيوش للمالية المخصصة في الأصل للتنمية ورفاه المجتمعات، وهذا ما يريد الأمير كشف الغطاء عنه في دعوته للمشاركة الجماعية لبناء مستقبل الشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا وتنمويا، وتحييد القوى العسكرية التي تهدد المنطقة، فما نراه حقيقة هو استنزاف الموارد العربية بشكل عنيف لشراء ?سلحة لا تغير في الواقع شيئا.

الحسن ذكر جملة يجب أن نفهمها نحن في الأردن قبل الإسرائيليين، إذ قال: «لقد حُكم على عدد كبير من الناس بالعيش دون مستقبل ولا أمل (…) والتحدي الآن هو الانتقال من مرحلة إدارة الأزمات الى الانتعاش وإعادة التنظيم والسعي لمرحلة جديدة من السلام والتنمية، والأردن مستعد لهذا التحدي»، فهل من الممكن أن تستيقظ همم المسؤولين الأكبر في الأردن للانتقال لمرحلة الانعاش الاقتصادي والاجتماعي الذي هو تحد خطير يهدد أي دعوة للسلام مع أنفسنا وليس فقط مع الإسرائيليين..

الحسن بن طلال يستطيع أن يقيمّ بشكل دقيق نتائج الماضي وتحديات الحاضر وتطلعات المستقبل، ليس لغايات إيجاد السلام بين دول الشرق الأوسط فحسب، بل بما يعنينا في الأردن خصوصا، فنريد لبلدنا أن يستمر بسوية عالية وهذا يتطلب إعادة بناء المؤسسات الوطنية مجددا، أما الجدل في مصالح الدول فلن ينتهي، وهذا مايؤكده الأمير، بقوله: «بينما يقل عدم المساواة في العالم بقي موجودا في شرقنا، الذي يصنف كالمنطقة الأكثر إعداما للمساواة في العالم، وحكومات فاشلة أججت أكثر فأكثر الغضب الاجتماعي، وتعاظمت أزمة اللاجئين، فواحد من كل 3 أشخاص ي?يشون في الأردن هو لاجئ، فيما يقف الأردن أمام معضلة ثلاثية تتمثل بارتفاع عدد اللاجئين والعجز المالي في الميزانية والدعم الشحيح للسكان الفقراء».

من هنا يجب أن نفهم أننا لسنا شرطي الشرق الأوسط، فإذا أراد الإسرائيليون الموت فلن تنقذهم دعواتنا، بل ينقذهم اختيار طريق العدل والمساواة ومنح الحقوق لأهلها، وإذا كان الأردن رسميا عبر ستة وعشرين عاما محترما لاتفاقية وادي عربة، ومحافظا على الحبل الرخو مع تل أبيب، فإنه يستحق اليوم صوتا عاليا ليلوي الأعناق نحو مشكلتنا الاقتصادية الكبرى التي تفاقمت حتى توسعت دائرة الفقر وشح العلاج وتوفر المطاعيم وانعدام الوظائف في القطاع الخاص وإثراء البعض على حساب الأغلبية، والفرص تضيع بلا أسف عليها.

الرأي





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق