الوطن.. بين تحديات الوباء وخطر المؤامرة!

كتبت: د. كاترينا ابو فارس

تظهر الاحداث الأخيرة بما لا يدع مجالا للشك ان وطننا الاردني يتعرض لمؤامرات تستهدفه كيانا ونظاما سياسيا لم تتوقف منذ سنين، لكنها وجدت في الظروف الحالية الوقت والبيئة المناسبين لممارسة الضغوطات لزعزعة الاستقرار والسلم المجتمعيين، مستغلة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعمقت باستفحال جائحة كورونا.

وقد جاءت احداث مستشفى السلط المأساوية والتي هزت وجدان الاردنيين جميعا لتغرق البلاد بمشاعر الالم والحزن والتضامن مع الضحايا الابرياء وذويهم ، ولتؤجج الغضب الشعبي العارم بسبب ما جرى من اهمال وتقصير.

وفي الوقت ذاته فان الحضور العفوي والسريع لمكان الحدث والغضب الجامح الذي ملأ قلب الاب الغيور على حياة ابنائه جاء تعبيرا حقيقيا صادقا على ان حياة الإنسان الاردني غالية ، بل وخط احمر لا يمكن تجاوزه (!).

وفي الوقت الذي تتواصل فيه جهود الدولة بكافة مؤسساتها واجهزتها المعنية بمواجهة الوباء المستفحل وتداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية، والمحاولات المضنية المبذولة للتقليل ما امكن من آثاره السلبية واخطاره القاتلة ، وفي الوقت نفسه، تضميد جراح السلط العزيزة ، والذي هو جرح الوطن.. نقول في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها بلدنا، والتي تتطلب حشد كافة الجهود الممكنة الرسمية والشعبية لمواجهة الأزمة، تقوم جهات من بيننا بتحركات تدعو الى التمرد على إجراءات الدولة لمحاصرة الوباء حفاظا على الصحة العمومية لمجتمعنا، بل ويذهب البعض (عن علم او بدون علم) مدفوعا ومحرضا من جهات داخلية وخارجية، بالدعوة المنظمة الى تحركات جماهيرية بشعارات سياسية، مستغلين ظروف الناس المادية الصعبة والتي فاقمتها حالة الوباء المستفحل منذ ما يزيد على العام.

ان مثل هكذا تحركات، وفي هذه المرحلة الحرجة من انتشار المرض وفتكه بالعشرات من اعزائنا يوميا، تمثل انتحارا حقيقيا، كونها ستؤدي لا محالة الى مضاعفة اعداد الضحايا نتيجة التجمهر المخالف للتعليمات والقوانين المتخذة لمواجهة الوباء، مما سيؤدي حتما الى استفحال الازمة وخروجها عن السيطرة، وانهيار النظام الصحي بالكامل ، وبالتالي تعريض حياة مجتمعنا برمته للخطر ،وهذا لا يمكن لعاقل القبول به او حتى السكوت عليه ،مهما كانت المبررات، “فالشر لا يصنعه الاشرار بل سكوت الاخيار!”.

ومن هنا ايضا، فإن الاخيار ، وهم الغالبية الساحقة من شعبنا الطيب الذكي المقدام ومثقفيه ونخبه السياسية والإجتماعية مطالبون ، ومن منطلق مسؤوليتهم تجاه مجتمعهم ووطنهم ، الذي بني بجهود وكفاح ودماء الآباء والأجداد ، الوقوف صفا واحدا منيعا ضد كافة محاولات العبث التي تستهدف الوطن واستقراره وسلمه الاهلي ووحدته الوطنية. فاللحظة التاريخية الساعة تفرض ضرورة الوقوف الواضح والصريح في صف الوطن -المستهدف!

فبوعينا ووحدتنا والالتفاف حول الوطن وقيادته ، نستطيع مواجهة الفتن والانتصار على التحديات مهما عظمت وتشعبت ، وشعبنا الأردني قادر على حماية وطنه الاعز والاغلى، والذي يتمنى الكثيرون ان يكون لهم وطنا مثله!.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق