تفكيك القطاع العام

كتب: عصام قضماني

ثمة كلاشيه يردده البعض دون سند علمي لكنه يجد صدى في الشارع وهو أن القطاع العام أو مؤسسات الدولة خضعت لعملية تفكيك ونزع ملكية وسلطة على الموارد والقرار الاقتصادي والإداري.

عنوان هذا الكلاشيه هو الخصخصة وتخلي الدولة عن أدوارها وملكياتها فلم يعد القطاع العام يملك شيئا أو يدير شيئا.

هذا الشعار يسقط بمجرد العودة الى الأرقام والبيانات المالية لكن الملاحظة في برنامج الخصخصة انه طال قطاع الخدمات وحصصاً في قطاع التعدين ولم يمس المؤسسات السيادية بما فيها اكثر من ٢٠ وزارة وعشرات المؤسسات العامة.

التحول بهـذا الاتجاه محدود لأن الأردن لم يكن يوماً دولة اشتراكية، فكان القطاع الخاص موجوداً طيلة عمر الدولة، حتى في عهد حكومات محافظة.

الخصخصة لم تشـكل انقلاباً اقتصادياً أو ثورة اجتماعية وإن كان ذلك فقد كان إيجابيا، فبقي القياس الحقيقي لسيطرة القطاع العام هي حصته في الاقتصاد ونفقـاته وتشكل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، عدا المؤسسات العامة والبلديات، والجامعات الرسمية، ومؤسسة الضمان الاجتماعي، فالدولة تدير وتتصرف بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي.

النفقات الضخمة في الموازنة تذهب للرواتب والتقاعد والحكومة تنفق 40% إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبةكبيرة وهي تدير وتسيطر على أكبر الشركات المساهمة العامة بقيمة تتجاوز 2 مليار دينار بحس? تقرير لجنة تقييم التخاصية برئاسة الدكتور عمر الرزاز قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.

الحكومة وصندوق استثمار الضمان «أموال الشعب الأردني» من أكبر المالكين في أكثر من 50 شركة مساهمة عامة وخاصة من بينها البوتاس والفوسفات.

يتعين على الذين يهرفون بما لا يعرفون أن يتحروا معايير تقييم حجم القطاع العام وأولها هو التصرف بالدخل القومي، فالحكومة المركزية تسيطر على 35% من الناتج المحلي الإجمالي حسب موازنة الحكومة المركزية ومع موازنات المؤسسات العامة التابعة للقطاع العام والبلديات والجامعات الرسمية (15% من الناتج المحلي الإجمالي) فحصة القطاع العام لا تقل عن نصف الناتج المحلي الإجمالي وهي من أعلى النسب في العالم.

كيف يمكن أن تصح مقولة تفكيك القطاع العام وهو ما زال يتصدر التوظيف، لأكثر من 55% من العاملين في الأردن وهي من أعلى النسب في العالم بحجم رواتب يبلغ نحوَ أربعةِ مليارات دينار ومليار و458 مليون دينار فاتورة التقاعد.

المعيار الثالث وهو أن الحكومة وهي صاحبة الولاية هي صاحبة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتشريعي.

القطاع العام ما زال قوياً وكبيراً، بمقدار حصته من الناتج المحلي الاجمالي وحجم نفقاته وقبل ذلك كله سلطة القرار.

هذه السيطرة في الاقتصاد لم تكن ولن تكون في مصلحته فـ «عن» أي تفكيك تتحدثون؟.

الرأي





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق