ترقب يسود المشهد السياسي.. الحكومة والنواب في الواجهة (خيارات وسيناريوهات)

هلا أخبار- وائل الجرايشة – تسود المشهد السياسي الأردني حالة من الترقّب بفعل الالتزمات الدستورية التي تفرض مواعيد محددة لعمر مجلس النواب ورحيل الحكومة من بعده إذا حُلّ مجلس النواب في عهدها.

كل المهتمين بالشأن العام يتساءلون اليوم هل سيُحل مجلس النواب بحلول انتهاء الدورة العادية الرابعة كما جرى مع سلفه (مجلس النواب السابع عشر) أم سيتم التمديد له؟ وماذا عن رئيس الوزراء عمر الرزاز الذي يبدو من تحركاته وبرامجه التي طرحها وكأنه باق لمدة أطول من انتهاء الدورة العادية الأخيرة لمجلس النواب.

يُمني بعض أعضاء مجلس النواب النفس بأن يكون هنالك تمسك برئيس الوزراء لفترة أطول، لعله يكون من نصيب البرلمان فيطول عمره هو الآخر، بيد أن الحديث عن بقاء الرزاز قد لا يرتبط حتماً ببقاء مجلس النواب لأسباب عدّة.

وتنتهي الدورة العادية الرابعة والأخيرة لمجلس النواب الثامن عشر في العاشر من شهر أيار المقبل، وفعلياً ينتهي عمر مجلس النواب الدستوري أواخر أيلول المقبل، لكن قياساً بمجريات القرارات السابقة فإن المجلس عادةً ما كان يُحل قبل أشهر بهدف التحضير للانتخابات التي تليها.

خلطت التسريبات بوجود تعديل وزاري المشهد برمته، وفي حقيقة الأمر أن رئيس الوزراء عمر الرزاز يدرس جدياً إجراء تعديل وزاري وهذا لا يعني أن الرئيس وصلته أي إشارات باتجاه سيناريو بعينه، لكنه يعمل في سياق فكرة بدأ في تطبيقها منذ تسلم مهامه وهي إكمال برامج الحكومة حتى لو احتاج تعديلاً وزارياً كلما دعت الحاجة إليه، وعلى هذا المنوال فلا يستبعد أن يطلب الرجل تعديلاً وزارياً حتى لو كان يعلم أن حكومته ستغادر قريباً.

إذن فتوجهات الرئيس لا تعني حسم الموقف إزاء صيغة معينة، والمعلومات تقول إن مطبخ القرار ليس متعجلاً من أمره ببت أي سيناريو في الوقت الراهن، بل أن الفترة المتبقية من عمر المجلس كافية لإزالة أي ضباب عن المشهد السياسي المحلي الذي أصبح مرتبطاً بالأجواء المحيطة والإقليمية.

توجد خيارات عديدة يتم تداولها على نطاق ضيق ولم يعد أي خيار متاح دستورياً مستبعداً،  فقد فُردت كل السيناريوهات على طاولة البحث لكن الثابت الوحيد أنه لم يتم اعتماد أي توجه حتى اللحظة، والقرار الأخير يعود للملك حيث يرسم الدستور معالم طريقه.

* الخـيـارات:

الخيار الأول:

أن تنتهي الدورة العادية الرابعة والأخيرة لمجلس النواب في العاشر من شهر ايار، ويُعلن حل مجلس النواب الثامن عشر والدعوة لانتخابات المجلس التاسع عشر، وهنا يرحل مجلس النواب ويعقبه رحيل الحكومة خلال أسبوع.

وتنص المادة (74) من الدستور على أن “الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها”.

وهذا الخيار الذي دأبت المملكة على القيام به في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني منذ تسلمه سلطاته الدستورية، حيث كان الملك يعلن حل مجالس النواب إما بحلول انتهاء الدورة الرابعة (كما حصل مع المجلس الثالث عشر والسابع عشر) تمهيداً لإجراء الانتخابات، أو قبل انتهاء المجلس من دورته الرابعة في بعض الأحيان (كما حصل مع الخامس عشر والسادس عشر) حيث أجريت انتخابات مُبكرة.

وقد حصل فراغ تشريعي في عهد حكومة علي أبو الراغب حيث غاب المجلس لمدة سنتين بين المجلسين الثالث عشر والرابع عشر، وفي عهد حكومة سمير الرفاعي لمدة سنة تقريباً بين المجلسين الخامس عشر والسادس عشر، وهو أمر أصبح غير ممكن بعد التعديلات الدستورية (العام 2011م) إذا لا يسمح بغياب مجلس النواب لأكثر من 4 شهور.

الخيار الثاني:

أن يسلم مجلس النواب الثامن عشر المجلس التاسع عشر من دون أن يُحل الأول، فيمكن أن تتم الدعوة للانتخابات ويحدد موعد للانتخاب على أن يبقى المجلس الحالي لحين انتخاب المجلس الجديد.

فالدعوة تكون محصورة بإجراء الانتخابات وغير مقرونة بحل مجلس النواب القائم، بحيث تجرى الانتخابات ضمن المُهلة التي حددها الدستور بالأربعة شهور التي تسبق انتهاء المدة الدستورية لعمر المجلس.

وينص الدستور في المادة (68/ الفقرة 2) على أنه “يجب إجراء الانتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس فإذا لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم انتخاب المجلس الجديد”.

ويخشى خبراء دستوريون وقانونيون من التعدي على العُرف الدستوري الذي أرسى  قاعدة تكافؤ الفرص ومنحها بشكل متساوٍ لكل مترشح، بحيث لا يستفيد أحد من موقعه في أثناء الانتخابات، ويعتقدون أن سيناريو (التسليم) تُطبّقه الدول التي يكون فيها أعضاء الحكومة من البرلمان.

ويرى البعض أنه يمكن الاستفادة من إبقاء المجلس في عطلته التشريعية خلال مدة الأربعة شهور في هذه الحالة، وإن لامست الموعد الدستوري لانطلاق الدورة العادية (الأول من شهر تشرين الأول 2020) فيمكن إرجاؤها لحين إجراء انتخابات جديدة، لكن حرّاس القانون يعتقدون أن النائب يتمتع بسلطته ما يبعد تطبيق الأحكام العامة عن حياديتها.

هذا الخيار والسيناريو تستفيد منه حكومة عمر الرزاز، بحيث يمكن لرئيسها أن يبقى، وحينها قد يطلب من الحكومة الاستقالة بعد إجراء الانتخابات، على أن يعيد الرزاز تشكيل حكومة جديدة من دون أي محاذير تخالف صراحةً نص المادة 74 من الدستور.

الخيار الثالث:

وصعد إلى الواجهة أخيراً خيار تمديد المجلس وهو خيار كان مستبعداً تماماً قبل أقل من شهر وفق ما أكدت مصادر لـ”هلا أخبار” في ذلك الوقت، لكن بعض الظروف المحيطة أعادت التفكير به ودفعته إلى الواجهة.

ويجيز الدستور للملك (وفقاً للمادة 68/ الفقرة 1) أن يُمدّد عمر المجلس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، حيث تنص على أن “مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية، وللملك أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على سنتين”.

هذا الخيار تتباين حوله وجهات النظر فهناك من يرى في جدواه بُدّاً، فيما رأي آخر لا يجد غضاضة في إجراء الانتخابات بموعدها بالإشارة إلى أن الانتخابات عُقدت في ظروف أسخن إقليمياً، كما أن التاريخ الأردني لم يشهد إلا حالة أو حالتي تمديد لمجلس النواب وكانت مرتبطة بالتطورات التي جرت في الضفة الغربية.

ويُدعّم أصحاب الرأي الثاني تبرير موقفهم بالقول إن من شأن حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات “تنفيس الشارع” والتأكيد على دوران الحياة السياسية في البلاد وقدرتها على تجاوز أي ظروف صعبة محيطة، كما أنه سيؤثر إيجاباً على نشاط الحركة الاقتصادية.

خيار استثنائي:

الخياران الأخيران السابقان قد لا يكون الهدف منهما بقاء رئيس الوزراء عمر الرزاز بشكل أساس بقدر ما تستهدف بقاء الأمور كلها على ما هو عليه، فتستفيد حكومة الرزاز من النتيجة بشكل غير مباشر.

ولكن إذا ما توفرّت رغبة بالحفاظ على الرئيس الرزاز، فربما يستعان بخيار التعديل الدستوري كي لا يبقى نص (المادة 74) سيفاً مصلتاً على رقبة الحكومة والحكومات اللاحقة من بعدها، حيث إن النص الحالي – بعد تعديلات 2011 – يبقي الحكومة مُقيّدة بالاستقالة عند حل مجلس النواب.

الخيار الاستثنائي نوقش وكان مطروحاً خلال الفترة الماضية، وهو لا يعيق إقالة الحكومة التي تحل مجلس النواب خلال أسبوع لكنه سيضع حداً لحرمان رئيس وزراء أي حكومة من إعادة تشكيل الحكومة التي تليها.

هذا الخيار، قد يُسهّل استخدام الخيار الأول بكل أريحية والمُتمثّل بحل المجلس بعد انتهاء الدورة الرابعة، وتجنّب أي تمديد للمجلس أو أن يُسلّم مجلس مجلساً، ومن شأن اللجوء إلى هذا السيناريو أن تتضح الرؤية لدى العموم حول بقاء الحكومة ورحيل مجلس النواب.

التعديل الدستوري الذي جرى في العام 2011م وصفه حكوميون في حينه بأنه “انتقامي” من مجلس النواب لكي يمنع الحكومة سنتذاك من حل مجلس النواب (السادس عشر)، ويعني أنه لن يدافع أي رئيس الوزراء عن فكرة حل مجلس النواب طالما أن حكومته سترحل خلال أسبوع ومشروطة بأن لا يُكلف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.





زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق