فلسفة القتل ومحاكمة إسرائيل

عصام قضماني

ثمة فرق بين اخضاع مجموعة من الجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي للمحاكم على جرائر اقترفوها وبين محاكمة دولة ارتكاب المذابح والتطهير العرقي كان وما زال نهجها وفلسفتها التي قامت عليها.

لكن السؤال الأبرز هو أن إسرائيل ما زالت حتى يومنا هذا تسعى لإثبات نظريتها بأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وهي تظن أن ما تفعله اليوم في غزة سيمر من دون ضجيج تماما كما طوى النسيان المذابح الرهيبة التي فعلتها عام 48 وما بعدها خلال حروبها واستمرار اضطهادها الشعب الفلسطيني؟.

شعار أرض بلا شعب وشعب بلا أرض وهي الرواية التي سادت الرأي العام العالمي عقودا طويلة هو ذاته الذي شكل فلسفة القتل التي تمارسها إسرائيل للخلاص من الشعب العربي الفلسطيني على أرض فلسطين منذ عام 48 وما قبلها.

في خضم هذا كله انتظرنا عقودا من الزمن لنستمع أخيرا إلى اعترافات أدلى بها بفخر مجموعة من الجنود الصهاينه يقرون بهذه المذابح تماما كما يفعل اليوم أحفادهم من الجنود الصهاينة في غزة عندما يبثون فيديوهات يتفاخرون فيها بالقتل بذات الطريقة وذات الأسلوب ولذات الأهداف.

بينما كنت أتابع المذابح الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي الصهيونى في غزة، استدركت أن ما يحدث في غزة اليوم لا يمكن عزله عن السياق التاريخي لفلسفة القتل التي مارستها الصهيونية في فلسطين منذ عام 48 وما قبلها وحتى يومنا هذا.

إسرائيل لم تقدم للمحاكمة ولو جنديا واحدا، مما يعكس تشجيعها وتأييدها للمجازر التي اقترفت قبل وبعد قيامها عام 48 وبذات الطريقة هي ترفض اليوم ذلك تماما ولماذا قد تفعل ذلك ما دامت هذه المذابح هي في صلب سياستنا كدولة، وإلا لرفض هؤلاء الجنود الامتثال لأوامر الذبح غير المكتوبة والموثقة من دون حماية.

الاعترافات المسجلة بالصوت والصورة، يعترف جنود صهاينة أنهم اقترفوا عشرات المجازر بحق الفلسطينيين ساهمت في تهجيرهم وطنهم خلال نكبة 1948، بتعليمات غير مكتوبة.

ذات المشهد يحدث يوميا ليس في غزة بل في كل المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وما حولها وهو ما يقول لنا أن فلسفة القتل هي نهج دولة وليس سلوك أفراد.

إن دورا مهما يجب أن يقوم به المثقفون العرب اليوم في عالم لم يعد الرأي العام فيه محتكرا بفضل عولمة الاتصالات والتكنولوجيا لإثبات هذه الحقائق ونشرها للأجيال الجديدة في العالم التي تعتمد على وسائط التواصل الجديدة وعلى الإعلام الجديد في تلقي المعلومات.

محاكمة إسرائيل وليس أفرادا في إسرائيل هو ما يجب أن يتصدر حشد الرأي العام العالمي للمطالبة به واستدعاء كل المحاور التي ارتكبتها إسرائيل منذ عام 48 وحتى يومنا في هذه المحاكمة.






زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق