يوم صعب على الجميع
فهد الخيطان

سؤال اليوم التالي في غزة كان مؤرقا لجميع الأطراف منذ اليوم المشهود في السابع من أكتوبر، لأكثر من عشرين شهرا، لم تتمكن الدبلوماسية أن تحصل على جواب لهذا السؤال يرضي كل الأطراف. ومع فداحة الخسائر البشرية والمادية صار السؤال عن اليوم التالي غير ذي معنى أو قيمة.
إذا ما تحققت التوقعات هذه المرة بوقف القتال بناء على طلب الرئيس الأميركي، فإن الجميع سيكون في مواجهة السؤال الصعب.
نتنياهو يراوغ ويناور من أجل صيغة تضمن له مواصلة الحرب العبثية بعد توقف مؤقت يستعيد فيه نصف أسراه الأحياء. أكثر من ذلك يعني أن حكومته في مهب الريح، ومصيره معلق بين السجن والخروج من الحكم، اليوم التالي صعب عليه وعلى أقرانه من المتطرفين. الخسائر ثقيلة في جيشه وحساب يوم السابع من أكتوبر سيحل موعده ويكون عسيرا.
حركة حماس، في مواجهة ذات السؤال الصعب واستحقاقاته. حكمها لغزة الذي دام أكثر من 17 عاما سيطوى للأبد. اليوم التالي سيفتح الباب واسعا على أسئلة مصيرية. ثمة حساب يلاحقها أيضا حول جدوى السابع من أكتوبر، وما تكبده الشعب الفلسطيني من خسائر مهولة، دولة الأنفاق ستغلق فوهاتها، أين ستمضي الحركة في القطاع؟ وما مصير السلاح والمقاتلين تحت الأرض؟
ربما يسجل التاريخ لحماس أنها كتبت السطر الأخير في مسيرة نتنياهو، أسوأ عدو كان للشعب الفلسطيني. لكن الثمن كان باهظا وثقيلا على الحركة التي فقدت كل قادتها في القطاع وعلى أهل غزة، الذين تكبدوا نحو ستين ألف شهيد ومائة ألف مصاب، وتدمير أكثر من 70 % من البنية التحتية.
وسؤال اليوم التالي سيكون بطعم المرارة على أهل غزة وقف إطلاق النار، لحظة المواجهة مع حقائق موجعة ولزمن طويل. مرارة فقدان الأحبة والأهل، حياة مدمرة لألاف الأسر، مدن وأحياء بحالها تم محوها من الوجود، معالم غزة كلها تغيرت.
من يرث حكم غزة من حماس؟ جيش الاحتلال، أم قوات عربية؟ ما مصير خطة الإعمار؟ وهل ثمة أمل بإعمار أصلا، مع هذا القدر الكبير من الدمار، وفقدان مقومات الحياة. أي حياة في اليوم التالي بعد كل هذا الموت والخراب؟
دول في المنطقة ستكون أمام مخاطر اليوم التالي وتحدياته. هل بمقدور العرب فعلا أن يجمعوا المجتمع الدولي لإعمار غزة، وكم يستغرق ذلك؟ من منهم سيغامر بالمشاركة في إدارة القطاع؟
والسؤال الأصعب، هل يتعين على دول محورية في المنطقة أن تطوي على الفور مأساة غزة، وتذهب نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يعد الرئيس ترمب؟ ما كلفة مثل هذه الخطوة، في وقت لم يهدأ فيه غضب الشعوب مما شهدوا من مجازر وحشية لم يشهد مثلها التاريخ؟
السلطة الفلسطينية ليست بمنأى عن سؤال اليوم التالي، وجودها هو أحد أهم أسئلة اليوم، في ضوء المخططات الإسرائيلية لابتلاع أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية في إطار ما يقال عن صفقة بين إدارة ترمب واليمن المتطرف في إسرائيل، هل تعود السلطة لحكم قطاع غزة من جديد؟ وماذا في جعبتها لتقدمه لغزة المنكوبة، وسط ماتعانيه من حصار إسرائيلي؟
وقف الحرب على غزة يعني وقف القتل اليومي لمئات الفلسطينيين، هذا مكسب فوق كل اعتبار، لكن أصعب الأيام هى التي ستأتي من بعد.
(الغد)