ملف المياه بين الأردن وسوريا: خطوات تفاهم واعدة لمستقبل مائي أكثر استقراراً

التفاهمات الأردنية السورية – ملامح تعاون جديد

هلا أخبار – خاص – اتفقت وزارة المياه والري الأردنية مع نظيرتها السورية على عقد اجتماع في العاصمة السورية دمشق يوم الثلاثاء المقبل، لمتابعة ملف التعاون في حوض اليرموك، ويُتوقع أن يُبحث في الاجتماع وضع آلية للتعامل مع الآبار غير المرخصة التي تم حفرها في الجانب السوري، وضمان تنظيم استغلال الموارد المائية المشتركة.

جاء ذلك بعد إبداء السلطات السورية استعدادها الواضح لمعالجة ملف الآبار المحفورة بشكل غير قانوني خلال السنوات الماضية، والتي أثّرت سلبا على تدفقات المياه إلى سد الوحدة في الأردن، إذ من المنتظر الاتفاق على آلية رقابية تشمل ترقيم الآبار أو إغلاق بعضها نهائياً.

وزارة المياه والري وعلى لسان الناطق بإسمها عمر سلامة أوضحت في تصريحات صحفية الأربعاء، أن “الجانب السوري عبّر عن اهتمامه الواضح بالحفاظ على الحصة المائية المخصصة لسد الوحدة”، وهو ما يُعد مؤشرا إيجابيا على وجود إرادة سياسية لحل النزاع المائي المزمن وتعزيز التعاون في ملف المياه المشترك.

اقرأ أيضا: وزير المياه والري يستقبل اللجنة الفنية السورية للمياه

 

سد الوحدة وحوض اليرموك – رهانات على الاستقرار

 

سد الوحدة، الذي تأسس باتفاق أردني سوري في الثمانينات وتم تشغيله في أوائل الألفينات، كان يُفترض أن يستوعب نحو 110 مليون متر مكعب سنوياً، إلا أن الاعتداءات على الروافد المائية، وبناء أكثر من 50 سدا مخالفا في الجانب السوري، جعلت وارداته لا تتجاوز 10 إلى 20 مليون متر مكعب في السنوات الأخيرة.

الدكتور محمد الفرجات، أستاذ جيولوجيا المياه في جامعة الحسين بن طلال يؤكد أن عهد “النظام السوري المخلوع” شهد حفر أكثر من 10 آلاف بئر غير مرخصة بعد عام 2011، ما تسبب في تقليص خطير لتدفق المياه إلى الأردن، وفاقم أزمة الشح المائي في المملكة، خصوصاً في فصل الصيف.

ويبين في حديثه لبرنامج “هنا الأردن” عبر إذاعة جيش أف أم، أن سد الوحدة يعد شريانا أساسيا يمد محطة زي بالمياه لتغذية عمان والسلط ومدن الشمال، فضلا عن ري الأراضي الزراعية في مناطق الأغوار. “ضعف التغذية أدى إلى تراجع استخدام المياه لأغراض الشرب والزراعة، ما أثر سلباً على الأمن الغذائي ودخل المزارعين”. يقول الفرجات.

“نهر اليرموك ليس مجرد مجرى ماء، بل شريان سيادي يرتبط بأمننا المائي والغذائي والسياسي، وأي قطرة تُفقد منه دون توافق تُخصم من استقرارنا الوطني”.
د. محمد الفرجات، أستاذ جيولوجيا المياه والبيئة

تحديات واقعية وفرص للاستدراك

 

أكد الدكتور الفرجات أن الأردن يعاني من شح مائي مزمن بسبب غياب الأنهار والمسطحات المائية الكبرى واعتماده على المياه الجوفية غير المتجددة، إلى جانب التزايد السكاني والتغير المناخي، ما يجعل تأمين المياه تحديا وجوديا للدولة، ويؤثر هذا الشح المائي على المواطنين والاقتصاد.

يدلل الفرجات على ذلك يقوله: “تتسبب أزمة المياه في تقليص دورات التزويد إلى مرة أو مرتين أسبوعيا في العديد من المناطق، ما يضطر المواطنين إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة، ويضغط على دخولهم المعيشية، ويؤثر سلبا على أولويات الإنفاق التعليمي والصحي للأسر”.

وفي إطار تعزيز الحلول الابتكارية، سيقدّم الأردن دراسة إلى الجانب السوري تتعلق بتقنيات الاستمطار الصناعي في حوض اليرموك، كأحد الحلول الاستراتيجية لتعويض نقص مياه الأمطار ورفع مستوى تخزين المياه في السدود.

لتمثل التفاهمات الأخيرة بين الأردن وسوريا بشأن المياه “خطوة هامة نحو إعادة تنظيم الاستخدام المشترك للموارد المائية في حوض اليرموك”، مع تركيز خاص على إصلاح الخلل الناتج عن الاستخدام العشوائي في الجانب السوري.

ورغم التحديات الفنية والقانونية، فإن المسار الحالي “يفتح نافذة أمل لتحسين الأمن المائي الأردني”، واستعادة كفاءة سد الوحدة بوصفه مرفقا استراتيجيا في منظومة التزود بالمياه الوطنية.

استمع للمقابلة





الوسوم
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق